باريس: أ ف ب
يُعد جمع البيانات ضرورياً لتطوير حلولٍ تكنولوجيَّة من شأنها إحداث «تقدم في المسائل الصحية النسائيَّة»، كتحسين التوقعات المتعلقة بتكرار الإصابة بمرض ما أو جعل النساء يراقبن الدورة الشهرية بشكلٍ أفضل، لكن هذه الخطوة لا تخلو من المخاطر على مستخدمات هذه الابتكارات.
تقول اودري تسانغ، مديرة تطبيق «كلو» Clue الأوروبي لتتبّع الدورة الشهيرة والذي يستخدمه 10 ملايين شخص في مختلف أنحاء العالم، إن “البيانات مهمة لإحداث تقدم في المسائل الصحية”.
وتضيف خلال معرض “فيفاتك” للتكنولوجيات الحديثة الذي اختتم أخيراً في باريس “عندما أطلق تطبيق كلو قبل عقد، لم يكن أحد يتلفظ بكلمتي الحيض وانقطاع الطمث”.
وتتابع “إذا أحجمنا عن التحدث عن موضوع ما أو لم نقس معطياته، لن نعرف ما يمثله”.
عناصر كمّية
وينبغي أن تستند الحلول المختلفة المقترحة للنساء إلى عناصر كمّية، لا تزال غير كافية اليوم.
وبحسب تقرير صادر عن شركة «ماكينزي»، يُحدث نقص البيانات بشأن أمراض نسائية كالتهاب بطانة الرحم، نتائج سلبية سواء على كيفية إدارة المرض أو على الاستثمارات المخصصة له.
ويشير التقرير إلى «سوء تقدير للمشكلات الصحية النسائية، مع مجموعات من البيانات لا تتضمن أمراضاً مهمة أو تقلل من التقديرات المرتبطة بها».
ونتيجة لذلك، يكون تمثيل المرأة ناقصاً في البحوث والتجارب السريرية، وهي ظاهرة تندرج ضمن «الفجوة بين الجنسين».
وفي ظل هذه الظروف، تشير رائدة الأعمال والعضو في جمعية «فيمتك فرانس» جولييت مورو، إلى دور عليها أنْ تؤديه الشركات المتخصصة في «femtech” (“فيمتك”) - وهو مصطلح يدمج كلمتي “فيمايل” أي أنثى و”تكنولوجيا”، ويعني التكنولوجيات المخصصة للنساء.
وتقول “بدأت الشركات الناشئة في جمع بيانات متعلقة بصحة النساء وتتمحور على بعض الأمراض غير الخاضعة لدراسات كافية، ما يتيح إكمال البحوث وتسريعها”، مضيفةً “بمجرد أن نبين الحاجة إلى تعزيز مجال فيمتك، ستزداد الاستثمارات وستتعزز القدرة على الابتكار: إنها دورة فعالة”.
مخاطر
تعدُّ مؤسِسة شركة «فيم هيلث إنسايتس» الأميركية المتخصصة في أبحاث السوق بريتاني باريتو أن إتاحة قواعد واسعة من البيانات أمر ضروري.
وتقول خلال معرض «فيفاتك»: «لدينا بيانات أوليَّة تظهر أن الدورة الشهرية الأولى تحدث في سنٍّ صغيرة لدى الفتيات من أصول أميركية لاتينية، وأنّ النساء الآسيويات يدخلن مرحلة انقطاع الطمث في عمر أبكر من غيرهنّ».
وتتيح معرفة هذه العناصر التوصل إلى أنّ «ما هو طبيعي بالنسبة إلى نساء معيّنات، غير طبيعي لدى أخريات».
وتطرقت باريتو في حديثها إلى مثال آخر، قائلةً إنّ «العملية القيصرية ضرورية لامرأة لم يتّسع عنق رحمها بما يكفي خلال الولادة، لكنّها قد تكون عادية لدى أخريات كالأكبر سنّاً أو المنتميات إلى أعراق مختلفة».
لكنّ عرض البيانات الشخصية لا يخلو من المخاطر.
إذ لاحقت السلطات الأميركية تطبيق «فلو» لتتبع الدورة الشهرية عام 2021 لأنه وفر معلومات شخصية عن مستخدماته لشركات بينها «غوغل» و»فيسبوك»، من دون موافقتهنّ المسبقة.
وتقول أودري تسانغ: «علينا التصرّف بمسؤولية»، مضيفةً إنّ «زبوناتنا يدفعن لقاء خدمة (...) لن يصبحن مطلقاً منتجنا، ولن نبيع معلوماتهنّ الشخصية».
لكنّ الخطر لا يكمن فقط في بيع البيانات، ففي دولة استبدادية مثلاً أو في حال إدخال تغييرات إلى قوانين معينة كذلك المرتبط بالإجهاض الذي بات غير قانوني في ولايات أميركية كثيرة، قد تكون العواقب أسوأ على المستخدمات اللواتي يمكن أن تكشف بياناتهنّ الشخصية ما إذا كنّ حوامل واخترن الإجهاض.
وتؤكد تسانغ «لن نوفّر أبداً بيانات أي امرأة للمساعدة في ملاحقتها قضائياً على أمر مرتبط فقط بالصحة في نظرنا»، وتشيد في هذا الخصوص بالقانون الأوروبي لمعالجة البيانات الشخصية.
وتقول دلفين مولو «على المرأة أنْ تعرف مصدر التطبيق»، مشيرة إلى أن .
وتشجع المستخدمات على قراءة الشروط العامة للتطبيقات بالتفصيل... حتى لو أنّ الخطوة تستغرق وقتاً ومجهوداً.