الدولة الفلسطينية

قضايا عربية ودولية 2024/06/02
...

علي حسن الفواز

الاعتراف بالدولة الفلسطينية أصبح واقعاً دولياً، على مستوى الحديث عن قيمومتها السيادية، أو على  مستوى الحديث عن تأطيرها الدبلوماسي، وما كان لحديث الاعتراف أن يكون حاضراً لولا المقاومة العظيمة للشعب الفلسطيني، وللخيبة الصهيونية جرّاء العدوان الوحشي والعنصري على غزة.
مابين الدعوات الدولية للاعتراف، وبين الرفض الصهيوني يتبدى كثير من الحقائق التي تُندد بجرائم الإبادة الصهيونية، وعدم قدرة الكيان ومن يحالفه على “احتواء القضية الفلسطينية” وحذفها من التاريخ، وتحويل شعبها إلى جماعات من المهاجرين في المثيولوجي..
يكشف الحديث الأميركي المتردد عن الاعتراف، وكذلك مقاربات بعض القادة الأوروبيين عن “الدولة  الفلسطينية” عن فشل دولي في التعاطي الحقوقي والإنساني مع الجريمة الصهيونية، وعن خلافات واضحة مع سياسات “الكيان”، ولعل قرارات المحكمة الجنائية الدولية كانت الفضيحة الكبرى، مثلما كانت الفيصل بين واقعين، حيث الجريمة الصهيونية، وحيث الضحية الفلسطينية التي تحولت إلى دراما كونية، وإلى حدث تاريخي وأخلاقي تنادت له كل المنظمات الحقوقية، والجامعات والقطاعات المدنية في أوروبا وفي الولايات المتحدة، فكانت التظاهرات والاعتصامات العنوان الأكبر الذي خلخل سعار المثيولوجيا الصهيونية، ونظرتها العصابية إلى التاريخ الفلسطيني.
ينطلق الرفض الصهيوني لفكرة الدولة الفلسطينية من الهوس “بعقدة المنتصر” ومن تحويل حرب الإبادة إلى حرب في النسيان، وبالتالي فرض نظرية الأمر الواقع الذي يمكن أن يُمرر مؤامراته ونواياه عبر مفاوضات بطيئة، ومرهونة بما يحدث على الأرض، وهذا يجعل الولايات المتحدة تعمل على إبطائه، لكي تجعل من ذلك التفاوض بعيداً عن تحقيق أهدافه السياسية والأمنية، وصولاً إلى إيقاف شامل لإطلاق النار، وسحب العسكرة الصهيونية من الأراضي المحتلة، وبما يجعل الطرف الصهيوني يواصل لعبة العدوان، والتهويم بالتفاوض، رغم أن ما يجري في غزة من عسكرة الأرض المحروقة لم يحقق النتائج التي يحلمون بها، فالرهائن مازال مصيرهم غامضاً، والصراع مازال حاداً، وما حدث مؤخراً في جباليا بعد أسر وقتل وجرح عدد من الجنود الصهاينة يؤكد هذه الحقيقة الساطعة.
إن ازدياد عدد الدول الأوروبية المطالبة بالاعتراف يرسم أفقاً لمتغيرات سياسية مهمة في الواقع الدولي، فمواقف دول مثل إسبانيا والنرويج وأيرلندا، وحتى فرنسا تعزز الرهانات الدولية على التغيير، وعلى فشل المشروع الصهيوني، مثلما تكشف عن وجود خلافات بين الولايات المتحدة والكيان حول هذه المواقف، وعن مدى الإحراج الذي يعيشه الحزب الديمقراطي وهو على أبواب انتخابات رئاسية مفصلية، قد تُهدد الرئيس جون بايدن بتجديد ولايته.