نكسة حزيران

آراء 2019/06/10
...

د. حسين القاصد 
 
لم يتعرض العراق الحديث منذ تأسيسه في بداية القرن الماضي حتى الآن  الى هزة عنيفة طالت كل مفاصله مثل تلك التي حدثت في العاشر من حزيران عام 2014 ؛ وهي  المؤامرة الأكبر على وحدة البلد وأمنه ومصير شعبه ، ولم يسبق أن حدث مثل هذا الانهيار العسكري السريع في أي بلد في العصر الحديث ؛ لكن هل انهزم جيش العراق فعلا؟ وهل كانت هناك حرب أصلاً ؟ كل ما حدث هو تجييش أخطر الماكنات الاعلامية والعزف على وتر التمزيق الطائفي ، واستغلال اصحاب الفتن من الساسة للتصعيد باتجاه التمزق الوطني والاجتماعي ؛ فضلا عما جرى خلف الكواليس من عملية بيع وشراء قامت بها زمرة من الخونة والانتهزايين الذين لايروق لهم استقرار البلاد ، ولقد تم تنفيذ المخطط القذر بسرعة مريبة ، حتى انسحب الجيش الذي لم يتعرض لاطلاقة رصاصة واحدة ، ولم يشهر سلاحه أمام خصم ليس موجودا اصلا سوى في الاعلام الذي مارس كل اشكال التهويل ، لتسقط الموصل بين اعلام مريب وصفقات اكثر ريبة ، ثم تلتها محافظة صلاح الدين حتى بات الخطر قريبا جدا من بغداد . 
  كل هذه الأمور جرت والقوات المسلحة العراقية بكل تشكيلاتها كانت تفرض قبضتها الكاملة على محافظة الانبار ، وكان الوضع في الانبار مستتبا تماما ؛ ولم يكن وقتها قد تأسس الحشد الشعبي قبل نكسة حزيران المشؤومة . 
 بعد ان وقعت الموصل الحبيبة أسيرة بيد الظلام الصحراوي المتمثل بخلاصة الوحشية والتخلف الداعشي ، جاءت فتوى المرجعية باعلان الجهاد الكفائي ، وسرعان مالبى العراقيون الاصلاء نداء اعادة الهيبة للوطن ، فصار للمتطوعين هيأة تحمل اسم هيأة الحشد الشعبي ، وهو التشكيل العسكري الوحيد الذي لم يدخل معسكرا تدريبيا ولم ينتظر وقتا للتدريب ، انما كانت معاركه وانتصاراته اشبه بالتدريبات الأولية ، وسرعان ماعاد زمام المبادرة الى العراق شعباً وقواتٍ مسلحة بكل صنوفها وتشكيلاتها. 
قلت ، كانت الانبار تحت السيطرة تماما ، لكن ما ان بدأت معارك التحرير حتى لوح البعض بخنجر الخاصرة ، فلقد صارت الانبار تحت سيطرة داعش في أوج لحظات الانتصارات في سامراء وتكريت وجرف الصخر ، حيث الانسحاب من الانبار الذي  ظل لغزا محيرا حتى هذه اللحظة !! .  استمرت انتصارات الغيارى من ابطال الحشد ، ثم انبرى ابطال  قوات الشرطة الاتحادية وابلوا بلاءً حسناً ، حتى استعاد جيشنا البطل عافيته لينهي  كل مخططات الخونة والمتآمرين المراهنين على تمزيق وحدة البلاد. وبعد أن صار للعراق قوات عسكرية متنوعة تملك مبادرة الاقتحام في كل لحظة حان وقت اعادة الموصل الى حضن العراق وافشال نظرية ان العراق لن يتمكن من استعادتها الا بعد اعوام طويلة . 
 لقد اعادها الابطال ولم يهدأ لهم بال الا بعد الاعلان عن شطب اقذر عصابة حاولت اقتطاع الموصل من جسد العراق . الف تحية لقواتنا المسلحة بكل تشكيلاتها ، والف تحية لابطال الحشد الشعبي في ذكرى تأسيسه ، والمجد والخلود لشهدائنا الأبطال .