المناظرة الرئاسية

قضايا عربية ودولية 2024/06/09
...

علي حسن الفواز



ينتظر العالم الحرب الرئاسية الأميركية القادمة بين الرئيس الديمقراطي والمنافس الجمهوري، فبقدر ما تحمل مناظرة هذه الحرب من إثارة، ومن أسئلة، لكنها ستظل «تحت السيطرة»، لأن المصالح الأميركية واحدة، وسياسات الحزبين لا تختلف كثيرا في النظر إلى تلك المصالح، وإلى القضايا الستراتيجية، حتى لو بدا المُختلف منها حادا في إثاراته الإعلامية وفي التعبير عن سخونة المواقف عنها.

الرئيس الحالي جو بايدن يضع الموضوع الأوكراني في «سلته» وفي حساباته، بوصفه تهديدا جيوسياسيا للأمن الأوروبي والأميركي، مثلما يحاول تسريع «لفلفة» الصراع العربي - الصهيوني من خلال طرح اتفاق لإيقاف إطلاق النار في غزة، وحسم ملف «الرهائن» وحتى التلويح بإعمار المدينة، وهي ترويجات ما زالت في سرائر الإعلام، كما أن المرشح الجمهوري رونالد ترامب يحمل معه خطابه الشعبوي، وسياساته غير المستقرة، لكنها الواقفة عند دعم الكيان الصهيوني، والمندفعة إلى الاستمرار في الابتزاز الأمني الاقتصادي لعدد من الدول العربية، وحتى في مواقفه من الحرب بين روسيا وأوكرانيا ما زال غامضا، وتحت يافطة تخليص الولايات المتحدة من حروبها العبثية.

الاختيارات السياسية في الملف الرئاسي لم تُحسم بعد، لكن الواقعية تجعل من « بايدن وترامب» الشخصيتين اللتين ستدخلان الانتخابات الرئاسية بأصوات المندوبين من الحزبين خلال شهري تموز وآب القادمين، ولا شيء هناك سيغيّر من هذا الأمر الذي بات واضحا في المشهد الأميركي، رغم كثير من الملاحظات السياسية والأمنية والاقتصادية على سياسات الرئيس الحالي، وعلى إجراءاته التي عمّقت من أزمات الاقتصاد، ومن الاضطراب في إدارة السياسة الخارجية، فضلا عن الملاحظات الحادة على سياسات الرئيس السابق، والمرشح الحالي ترامب، التي ما زالت مثار جدل وسخرية في شعبويتها، وفي إجراءاتها العنيفة، وحتى في مواقفه من القضايا العربية. 

التحدي ليس رهانا على النجاح والفوز، والمناظرة بين «المرشحين» ستكون نوعا من «الحرب الرمادية»، إذ ستجعل من ملفات التضخم الاقتصادي والبيئة والمناخ والأمن الدولي وحماية الكيان الصهيوني، حاضرة بقوة، وموضوعة على الملف، كما سيحضر التشهير السياسي والأخلاقي بوصفه «ورقة انتخابية» للتسقيط، ولتصفية الحسابات، لاسيما أن معطيات التحقيق مع المرشح ترامب التي لم تُحسم بعد، لكنها لن تقلل من حضوره كمنافس قوي للرئيس الحالي، من منطلق بحث الأميركان عن التغيير، فضلا عن كونه تعبيرا عن الفشل في إدارة كثير من الملفات السياسية والأمنية، وما سيدخل من متغيرات تفرض وجودها في سياق الحديث عن  السياسة الدولية والحرب التجارية مع الصين، والموقف من تايوان، وكذلك الموقف من الحرب في أوكرانيا.