الإذاعة الأم

الصفحة الاخيرة 2024/07/02
...

د. علاء هادي الحطاب


إذاعة جمهورية العراق من أولى محطات البث الإذاعي في المنطقة، بل أن فكرة وجودها سبقت حتى إذاعة صوت القاهرة، عندما افتتح الملك غازي محطة بث إذاعي في قصره تبث الأغاني والأناشيد الحماسية.
يوم أمس مرت علينا الذكرى الثامنة والثمانين لتأسيس إذاعة جمهورية العراق، الإذاعة الأم في العراق وهي ثاني إذاعة رسمية تم إطلاقها في منطقة الشرق الأوسط بعد إذاعة صوت القاهرة التي سبقتها بسنوات، ومثلت إذاعة بغداد منطلق وختام كل الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والدينية في البلاد، فلم يكتب لأي انقلاب أو تشكيل حكومة النجاح إذا لم يمر عبر بوابة الإعلان عنه في الإذاعة، لذا كانت الإذاعة الهدف الأساس في تحقيق طموحات جميع الطامحين في السياسة والاقتصاد والفن وغيرها.
إذاعة بغداد تأريخ وطن حافل بالإبداع، فهي المكتشفة لجميع القامات الفنية في العراق، فلم تكن ناقلة فقط لفنهم بل كانت كاشفة لمواهبهم.
إذاعة بغداد لم تكن محطة لنقل الأحداث والنشاطات، بل كانت مدرسة صحفية وفنية مهمة، إذ درست وخرجت الآلاف ممن أصبحوا كبار القامات الفنية والإعلامية والثقافية، وأصبح مجرد العمل فيها يُعد سيرة ذاتية تغنيه عمن سواها.
إذاعة بغداد حتى ظهور مواقع التواصل الاجتماعي كانت الصحيفة المسموعة والفترة المنوعة والدراما الواقعية والفرشة الغنائية بمختلف ألوانها وأصواتها.
إذاعة بغداد لم تكن مجرد وسيلة بث إذاعي توصل للجمهور المادة الخبرية والثقافية وغيرها بل كانت وما تزال صوت وطن يتغنى بأرثه وتأريخه وحاضره وماضيه، فأصوات مذيعيها ومقدمات برامجها ماتزال ترنُّ في أذان المستمعين وتعيدهم إلى ذكرياتهم الأولى، لذا فإن أثيرها شكل وما يزال التعلق بوطن حافل بالأحداث.
شخصياً اختلف مع من يتوقع اختفاء صوت الإذاعات عموماً، بعد تمدد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ نجحت الإذاعات ومنها إذاعة بغداد في استثمار هذا التواصل للتواصل مع مستمعيها، وقامت ببث أغلب برامجها وأخبارها عبر تلك المنصات، وبحسبة بسيطة نرى أن الإذاعات ما تزال تشكل حيزاً كبيراً في تلقي المتلقي للمادة الإعلامية فنصف اليوم بنهاره يركن الناس إلى صوت الإذاعة في تنقلهم لأداء مهامهم اليومية وفي المساء يعود المتلقي كذلك.
كانت وماتزال وستبقى إذاعة جمهورية العراق بإدارتها وكوادرها متألقة ومتقدمة في سلم النجاح وحصد متابعة الجمهور، فهي مثال للإعلام الرصين الملتزم برسالته والذي لا يقبل التفاهة وإن راج سوقها اليوم.
مبارك لإذاعتنا الأم إذاعة جمهورية العراق وهي تدخل عامها الثامن والثمانين، مستحكمة القلوب والأسماع.