بدور العامري
لم تعد العطلة الصيفية وقتاً للعب واللهو فقط، بل اعتمد أغلب أولياء الأمور على برامج وخطط لاستثمار هذا الوقت الثمين الذي يفصل بين عامين دراسيين، وهو لا يقل عن ثلاثة أشهر، مختصون وأصحاب الشأن تحدثوا عن أهم الخطوات الأساسية لاستثمار هذا الوقت، بما يعود بالنفع والفائدة على الطلاب وعودتهم لمقاعد الدراسة بأفضل الأحوال من ناحية الصحة الجسدية والنفسية والذهنية.
خطة وتنظيم
يؤكد المختصون أهمية وضع خطة وبرنامج مبسط قبل بداية العطلة الصيفية، بهدف السيطرة على الوقت وتحديد الأولويات بشكل أفضل، كما تقول الباحثة النفسية شيماء عبد العزيز "بالتخطيط الأمثل وقبل بدء تلك الإجازة لا بد أن نعلم أبناءنا الاستثمار الصحيح لفترة العطلة الصيفية، وهي فرصة لتعليم الأطفال في المراحل الابتدائية كيفية التخطيط وتنظيم وقتهم لأغراض غير الدراسة، ويكون الترتيب أشبه بالبرنامج الذي يعده أولياء الأمور مع الأبناء، بالاعتماد على أولوية وأهمية ميول الطالب، ليتم تخصيص وقت أكبر لما يحبه الطفل أو يسعى إلى ممارسته، على سبيل المثال عندما تكون ميوله علمية، يتم زجه في دورات وبرامج تطويرية في مجال العلوم والتقنيات الحديثة، وإذا كان الطالب ذا ميول فنية وثقافية يعمل الأهل على إلحاقه بدورات تعليم الرسم والخط والحرف والمواهب الفنية مثل العزف على آلات موسيقية، أما إذا كان لديه ميول للألعاب الرياضية يتم إدخاله في مسابقات وأندية رياضية كلعبة كرة القدم للأولاد ورياضة التايكواندو والجمنا ستك والسباحة وغيرها.
بينما تجد التربوية نضال محمد (36عاماً) أنه من الضروري أن يتخلل برامج استثمار العطلة الصيفية للطلبة عدد من دروس التقوية للمواد التي يكون فيها الطالب ضعيفاً، خاصة للتلاميذ في المرحلة الابتدائية، كما يجب على الأهل أن يكونوا على وعي بتحسين مستواه من دون الضغط على القدرات العقلية للطالب وعدم ارهاقه.
استثمار الوقت
غالباً ما نقع في فخ تضييع الوقت خاصة أثناء العطلة الصيفية، إذ نجد أنها انتهت من دون تحقيق أي شيء مفيد، ما يجعلنا نشعر بالإحباط، وكي لا يحدث هذا الأمر، يجد خبراء التنمية البشرية ضرورة وضع خطة مسبقة، تحدد فيها الأهداف والأنشطة التي نرغب في تحقيقها، مثل قراءة كتب معينة أو تعلم مهارة جديدة أو الالتزام بعادة صحية مثل تحسين نوعية النوم، كما يقول الطالب الجامعي مهند القيسي وهو يعمل بمجال التنمية البشرية، إذ أكد أهمية تقسيم الوقت والإفادة منه على أتم وجه، مبيناً "يجب أن يكون هناك وقت مخصص للعمل خاصة للطلبة في المراحل الإعدادية أو الدراسة الجامعية، كأن يزاول الطالب عملاً معيناً يعود عليه بالنفع المادي وتعلم مهنة، ويكون بمثابة مصدر للرزق له ولأسرته خلال تلك الفترة، أو من الممكن أن يعمل الطالب في داخل منزله، كأن يسهم في مشروع لأحد الإخوة أو الأهل، كما هو حال بعض البنات عندما يساعدن ذويهن في المشاريع الخاصة
بهم .
وتابع القيسي حديثه عن الأمور التي يجب أن يستثمر فيها وقت العطلة الصيفية ومنها تعلم مهارة جديدة مثل لغة جديدة أو إتقان برامج وتقنيات على الحاسوب أو أي حرفة أو مهارة تضاف إلى رصيده المعرفي والمهني، بينما أكد القيسي عدم إغفال تخصيص وقت للراحة والاسترخاء، لغرض تجنب الإرهاق والتعب، مثل الحصول على سفرة في أجواء طبيعية نقية، أو مزاولة قراءة الكتب المفضلة، والاستمتاع بمشاهدة فيلم في دور السينما أو حضور مناسبات ثقافية وفنية وغيرها.
البناء الديني والأخلاقي
ولرجل الدين جبار الخطيب، رأي مؤيد للتخطيط في استثمار العطلة الصيفية، إذ يقول: "نحن نعمل بوصايا علمائنا ومراجعنا الكبار في ما يتعلق بحاجتنا إلى بناء أولادنا وبناتنا، البناء الديني والعقائدي والأخلاقي التربوي والنفسي الصحيح، وفي أوقات الإجازة من الدراسة فرصة ثمينة لتعزيز هذه التربية وتثبيتها، عن طريق النشاطات والفعاليات التي يمارسونها كنوع من تعزيز المعرفة وتطوير المهارات.
وتابع الخطيب "إننا كطلاب حوزة علمية في النجف الأشرف، حريصون على استثمار فترة التعطيل المدرسي الحوزوي، من خلال تنظيم الوقت ووضع خطة محددة الأهداف، مثل تحديد المواد والمجالات التي نرغب في دراستها أثناء فترة التعطيل، وذلك بوضع جدول زمني يومي وأسبوعي يتضمن أوقاتاً مخصصة لكل مادة، والالتزام بهذا الجدول مع الحرص على تحقيق التوازن بين وقت الدراسة
والراحة.
وأضاف الخطيب، أن المراجعة والتلخيص من الخطوات التي يجب الالتزام بها بعد كل فترة زمنية من الدراسة، فضلاً عن التشجيع على التوسع في قراءة كتب أساسية في الفقه والعقيدة وتفسير الحديث والأخلاق، لغرض الاطلاع على شروح هذه الكتب الجديدة واختيار مواضيع حديثة للبحث والدراسة والتعمق فيها، باستخدام وسائل البحث المتطورة مثل المكتبات الرقمية، وحضور المحاضرات الالكترونية للنقاش وتبادل المعلومات مع طلاب العلم الآخرين، بهدف تبادل الخبرات، والافادة من الدورات التعليمية عبر الانترنت في مختلف العلوم الشرعية.
وأكد الخطيب ضرورة الاهتمام بالجوانب الروحية خلال وضع جدول استثمار العطلة الصيفية والمتمثلة بالحفاظ على العبادات في أوقاتها وتخصيص وقت لتلاوة القرآن الكريم والتدبر في آياته، إضافة إلى الاهتمام بتطوير الأخلاق والسمات الشخصية الحسنة مثل الصبر والتواضع والإخلاص.