هزيمة 5 حزيران .. إذ أهملت دروسها !

آراء 2019/06/13
...

عبد الحليم الرهيمي
مرت قبل بضعة أيام الذكرى الـ 52 للعدوان الاسرائيلي على كل من مصر وسورية والأردن والذي ادى الى الحاق هزيمة مرة ومروعه بهذه البلدان وأنظمتها السياسية بعد تدمير معظم طائراتها الجاثمة على الأرض ومعظم سلاحها الجوي والبري خلال ثلاث ساعات واسفر العدوان في نهايته بعد ستة ايام عن احتلال شبه جزيرة سيناء المصرية  وهضبة الجولان الستراتيجية السورية والضفة الغربية الفلسطينية التي ضمت الى الاردن العام 1949 هذا فضلاً عن ضم القدس الشرقية بزعم توحيد القدس واغتصابها كـ (عاصمة) لأسرائيل .
وفي حين اطلقت اسرائيل على عدوانها هذا اسم (حرب الايام الستة) اعتبرته البلدان الثلاثة ومع سائر البلدان العربية الاخرى المعنية بالهزيمة كونها تدخل معها في (اتفاقية الدفاع العربي المشترك !) بأن هذه الهزيمة مجرد (نكسة) وان اسرائيل لم تحقق هدفها الرئيس من هذا العدوان وهو اسقاط هذه (الانظمة التقدمية) التي بقيت قائمة (رغم ارادة اسرائيل) !
المجتمع الدولي ومنظماته الامم المتحدة ومجلس الامن الذي (فوجئ) بهذا العدوان السافر على ثلاث دول ذات سيادة لم يتمخض سوى عن القرار 242 الذي نص على اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل (الاعمال العسكرية) وذلك باعادة الاراضي التي احتلت الى حدود 4 حزيران 1967 في حين أطلق الرئيس المصري جمال عبد الناصر آنذاك شعار (أزالة اثار العدوان) وهو ما يتوافق مع ما طالب به قرار مجلس الامن رقم 242 وايدته سوريه والاردن وبقية البلدان العربية بذلك ، باستثناء بعض المنظمات الفلسطينية التي ظلت تطالب بتحرير فلسطين (من النهر – اي نهر الاردن – الى البحر) .
غير ان مسار الاحداث لم يسفر خلال العقود المنصرمة من تحقيق قرار مجلس الامن انما اسفر فقط عن اعادة سيناء بسيادة منقوصة الى مصر بعد المفاوضات التي اجرتها مع اسرائيل بعد حرب عام 1972 التي وصفت بـ (حرب التحرير) في حين تمكنت منظمة التحرير الفلسطينية من استعادة الضفة الغربية وغزة بسيادة منقوصة واقامة السلطة الوطنية الفلسطينية عليها ( اصبحت سلطتين بعد عام 2007 السلطة في الضفة بمدينة رام الله لمنظمة التحرير والسلطة في غزة لحركة حماس الاخوانية المنشقة عن منظمة التحرير) اما هضبة الجولان فقد اعلنت اسرائيل مؤخراً ضمها 
اليها .
لقد اسفر العدوان – الهزيمة – النكسة خلال العقود الخمسة المنصرمة عن دروس وعبر ثمينة ومهمة اولاً للبلدان التي وقع عليها العدوان وتجرعت كأس هزيمته المره وثانياً للبلدان العربية الاخرى وشعوبها وخاصة نخبها السياسية والفكرية التي كان عليها ان تؤشر ، اكثر من الانظمة التي اطلق عليها انظمة الهزيمة ، الاسباب والاخطاء السياسية الحقيقية التي شكلت عامل اغراء لاسرائيل كي تقوم بعدوانها ومهدت بذلك للأسباب الرئيسة 
لوقوعه .
لا ريب ان هذا العدوان ، بأسبابه ونتائجه ، قد سبب صدمة قوية وانكساراً للرأي العام الشعبي العربي ولنخبه الفكرية والسياسية التي ادانت السياسات الداخلية والخارجية للأنظمة التي الحقت بها الهزيمة ، وفي ضوء ذلك دعت شريحة واسعة من تلك النخب لأوساطها من الاحزاب والتيارات والتنظيمات السياسية ، فضلاً عن قيادات الانظمة وحكامها الى القيام بمراجعات نقدية ذاتية وعامة لأفكارها ومواقفها وسياساتها .. وحتى لأيديولوجيتها ، وكان من ابرز المبادرين لذلك الكاتب السوري صادق جلال العظم ، الذي الف كتاباً اسماه ( النقد الذاتي بعد الهزيمة) حيث عرى فيه الواقع الاجتماعي والسياسي والفكري القائم انذاك ودعا
 لتغييره .
وفي موازاة ذلك وقعت حركة انشقاقات وانقسامات حادة داخل التيارات والاحزاب والمنظمات جراء حركة النقد الذاتي الواسع النطاق الذي جرى داخل العديد منها .
وخلال العقود الخمسة التي مرت على هول الهزيمة – النكسة ومرارتها تم تجاهل واغفال دروسها رغم محاولات النقد الذاتي الجادة لبعض التيارات الفكرية والسياسية ، حيث لم يجر التأشير الى اهم اسباب تلك الهزيمة والعوامل التي مهدت لها ، فضلا عن اهم دروسها والتي منها سيطرة القوى الاستبدادية القمعية على مقاليد السلطة ومنع شعوبها من ممارسة حقها في اتخاذ القرارات المصيرية والدفاع عن البلاد ، استشراء الفساد المالي والاداري في الدولة ومؤسساتها والذي كان مسكوتاً عنها خلافاً لحالات النقد الحالية والدعوة لمكافحته ، ضرورة التخلي عن الاعلام الدعائي والتضليلي الذي يتسم بالمبالغة وعدم قول الحقيقة والاطراء غير المبرر للحكام والقادة ، أفتقاد السعي لبناء دولة المواطنة والمساواة بين المواطنين ومنحهم حقوقهم المشروعة التي تنص عليها جميع الشرائع ، عدم انتهاج سياسة خارجية تضمن دعم ومساندة هذه البلدان بعقد اتفاقات مع دول كبرى حليفة او ضامنة لأمنها مع ضمان السيادة .. وهي العوامل التي افتقدت معظمها الدول التي هزمت بالعدوان ، ولم تستفد بعد من 
دروسها !