وسام الفرطوسي
أعطيت أرض كربلاء المقدسة من الشرف ما لم تعط أي بقعة من بقاع الأرض، منذ أنْ خلق الله الأرض، ففي حديث عن الإمام السجاد (عليه السلام) أنه قال (اتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أنْ يخلق أرض الكعبة ويتخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وإنه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة وأفضل مسكنٍ في الجنة، لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون)، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام) (في طين قبر الحسين (علية السلام) الشفاء من كل داء، وهو الدواء
الأكبر).
ونقلَ الميرزا حُسين النّوري الطّبرسيّ (رحمهُ الله) في مُستدركِ الوسائلِ عنِ الشَّيخِ البَهَائِيّ فِي الكَشكُولِ، عَن خَطِّ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الجُبَاعِيِّ نَقلًا مِن خَطِّ ابنِ طَاوُسٍ نَقلًا مِن كِتَابِ الزِّيَارَاتِ لِمُحَمَّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ دَاوُدَ القُمِّيِّ عَنِ الصَّادِقِ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ إِنَّ حَرَمَ الحُسَينِ (عليه السلام) الَّذِي اشتَرَاهُ أَربَعَةُ أَميَالٍ فِي أَربَعَةِ أَميَالٍ فَهُوَ حَلَالٌ لِوُلدِهِ وَمَوَالِيهِ حَرَامٌ عَلَى غَيرِهِم مِمَّن خَالَفَهُم وَفِيهِ البَرَكَةُ. ذكر السيد الجليل السيد رضي الدين ابن طاووس: أنها إنما صارت حلالاً بعد الصدقة لأنهم لم يفوا بالشرط. قال: وقد روى محمد بن داود عدم وفائهم بالشرط في باب نوادر
الزيارات.
وأشار مركز الأبحاث العقائديَّة الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني في جوابه على سؤالٍ عن عائديَّة أرض مدينة كربلاء المقدسة.
وقال المركز في ردّه على السؤال أنه “ورد أن الإمام الحسين (ع) اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين ألف درهم، وتصدق بها عليهم، وشرط أنْ يُرشدوا إلى قبره، ويُضيفوا مَن زاره ثلاثة
أيام”.
ومن خلال عملية حسابية بسيطة يتبيّن أنّ مساحة ما اشتراه الامام (ع) تساوي ١٦ ميلاً مربّعاً؛ أي ما يُعادِل ٤١.٤ كيلومتراً مربّعاً وهذه المساحة هي تقريباً مساحة مدينة كربلاء حاليّاً. في حين لا تتجاوز مساحة حرمي الإمام الحسين (ع) والعباس “ع” وما بين الحرمين الـ ٤٠ ألف مترٍ مربّعٍ أي أقلّ من ١ كيلومتر مربّع.
وأضاف المركز إنَّ “ما ورد أعلاه أكده الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله إنَّ حرم الحسين (عليه السلام) الذي اشترى أربعة أميال في أربعة أميال فهو حلالٌ لولِده ومواليه وحرامٌ على غيرهم ممن خالفهم وفيه البركة”.
وأوضح المركز أنَّ “أقدم مصدرٍ عُثِرَ عليه لهذه الرواية هو الكشكول للشيخ البهائي عن خط جده محمد بن علي الجباعي نقلاً من خط ابن طاووس نقلاً من كتاب “الزيارات” لمحمد بن أحمد بن داوُد القمي عن الصادق (عليه السلام).
وفي جانب كشفت “موسوعة كربلاء الحضارية” الصادرة عن مركز “كربلاء للدراسات والبحوث” أصول مدينة كربلاء وضواحيها حسب المرويات المتواترة موثوقة المصدر؛ لرفد الباحثين والمهتمين بالمعلومات المختلفة.
إذ ذكرت الموسوعة في محورها التاريخي لقسم التاريخ الإسلامي في الجزء الأول – صفحة 41 في المبحث الثاني الموسوم “خطط كربلاء في فكر الإمام الصادق عليه السلام”، أنَّ “أرض الغاضريَّة تعود لقبيلة بني أسد، فيقال عنها (غاضرة بني أسد؛ وهي قريبة من أرض كربلاء وتعدُّ إحدى القرى الواقعة في نواحي
الكوفة”.
وأرفدت “يبدو أنَّ الغاضريَّة اندمجت بأرض الطف واكتسبت مكانة وقدسيَّة، حتى أشار إليها الإمام الباقر “عليه السلام” بقوله (زوروا قبورنا بالغاضرية).
وأشارت الموسوعة الى أنَّ “الإمام الصادق عليه السلام أعطى لأرض الغاضرية موقعاً دينياً بقوله “إنها من تربة بيت
المقدس”.