مجلس إدارة القطاع الخاص .. والدور المرتقب

اقتصادية 2019/06/14
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي
تجري الاستعدادات الان ، على قدم وساق لتأسيس مجلس ادارة وتطوير القطاع الخاص في العراق ، كما أعلن ذلك وزير التخطيط نوري الدليمي مؤخرا ، الذي أشار الى ان تأسيس هذا المجلس يأتي في سياق تنفيذ سياسة الحكومة من جهة تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ومن ثم اعطائه زمام قيادة التنمية في العراق بنحو عام .
ويبدو، من خلال اعلان هذه النوايا الحكومية الطيبة، ان الحكومة لديها من الجدية، ما يشير الى ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة القطاع الخاص، وان طال الزمن؛ ولكن ، هل فعلا ان البيئة باتت مناسبة ليلعب القطاع الخاص دوره المنشود ؟ .. وهل ان المجلس المزمع تأسيسه ، قادر على توفير الظروف المناسبة لعمل هذا القطاع ؟.
هذه التساؤلات وأخرى غيرها تراود بقوة اذهان العاملين في القطاع الخاص ، وبالتالي ، ينبغي ان تكون الصورة واضحة لدى هؤلاء، ولعل السؤال الأهم ، يتمثل بماهو الدور والمهمة التي سيؤديها مجلس ادارة القطاع الخاص ، في ظل الكثير من التراكمات التي خلقت ثقافة عامة في البلاد  ، تستند الى ان القطاع العام ، هو المالك لكل شيء ، وما عداه ، لايعني شيئا !! .
وهذه ثقافة خطيرة ، لاسيما ان مثل هذه الأفكار تعشش في عقول بعض موظفي القطاع العام ، الذين لايؤمنون بالقطاع الخاص ، وبالتالي فإن هؤلاء سيصبحون معرقلين لتوجهات الحكومة الجديدة ، فضلا عن ذلك ، فإن البعض من العاملين في القطاع الخاص نفسه ، هم أيضا غير مؤمنين بقدرات هذا القطاع ، ويعتقدون ، ان القيادة يجب ان تبقى بيد القطاع العام.
وهنا تبدو مهمة المجلس المرتقب ليست سهلة ، بدءاً من تشكيله ، وآليات اختيار أعضائه ، وكم هو عددهم ؟، وماهي نسبة تمثيل الحكومة في المجلس ؟ ، وهل ثمة امتيازات سيحظى بها هؤلاء الأعضاء؟ ، وما هو مستوى رئيس المجلس ، هل هو بدرجة وزير مثلا ؟ أم دون ذلك أم اكثر ؟، وهل سيشارك في جلسات مجلس الوزراء ، سواء بصفة العضوية ، أم بصفة المراقبة ، أو الاستماع ؟ .
ولكي يتمكن المجلس الجديد من اداء مهامه وتحقيق الهدف الذي جاء من اجله ، بأساليب مختلفة عن تلك التي يتبعها القطاع العام ، عليه ، أولا ، ان يختار أعضائه ، باعتماد معايير عالية ، لان القطاع الخاص يواجه اليوم مشكلة التشرذم الحاد ، فثمة الكثير من المنظمات التي تعلن انها تمثل القطاع الخاص ، لتأتي منظمات اخرى فتطعن بهذه ، لتقول انها هي الممثل
 الشرعي.
ومن هنا اصبح الفرز بين هذه الجهات صعبا جدا ، ما يتطلب ، اجراء عمليات بحث ودراسة معمقة من اجل اختيار أعضاء المجلس لكي يكونوا ممثلين حقيقيين ، وان يكونوا مؤمنين بدور القطاع الخاص ، لكي ينطلق المجلس بعد ذلك في معالجة الواقع ، إبتداءً من مراجعة  السياسات والاستراتيجيات ، والعمل على ضمان تنفيذها من قبل الجهات الحكومية ، وكذلك العمل على تبسيط القوانين والأنظمة والتعليمات التي تنظم عمل القطاع الخاص ، على ان يتولى المجلس وضع خطط وستراتيجيات  على المستويين الوطني ، والمحلي (المحافظات) ، ويتابع ويراقب ويقيم تنفيذ تلك الخطط والسياسات .
المهمة التي سيضطلع بها مجلس تطوير القطاع الخاص ستكون كبيرة ، وهي جديرة بالدعم والاهتمام من قبل الجهات الحكومية المعنية كافة ، فقد آن الأوان لهذا القطاع ان يملأ مساحته الحقيقية ، وآن للقطاع العام ان يستريح ، من العمل بعد عقود طويلة ، ليتولى مهمة رسم السياسات ، والخرائط التنموية والاستثمارية ، المستندة الى رؤية اقتصادية سليمة ، لاسيما ان العراق ، يعمل اليوم ، وفق رؤية وطنية للتنمية المستدامة ، ٢٠٣٠ ، التي تهدف الى بناء إنسان ممكن في بلد آمن ، وان يسهم الجميع  ، وفي مقدمتهم القطاع الخاص ، في تحقيق هذا الهدف الكبير ، وفقا لمبدأ “لن نترك أحداً خلفنا” . فإن مضينا في هذه التوجهات الإيجابية ، فاننا سنبني اقتصادا متينا ، بعد معالجة مواطن الخلل البنيوي في الاقتصاد العراقي ،وسنشاهد قاعدة صناعية حقيقية ، فيما ستتراجع معدلات البطالة الى ادنى مستوياتها ،وغير ذلك الكثير من المزايا التنموية الجيدة .