ادوارد سعيد: الفلسطينيون متسامحون في منافيهم

منصة 2024/07/30
...

 تقديم وترجمة: د. نادية هناوي

لإدوارد سعيد صوت مسموع غربيًا كباحث ومفكر ألمعي، يغاير في منهجه كثيرين من أقرانه العرب - والشرقيين عموما - المقيمين في الغرب الذين آثروا التنكر لأصولهم الأولى، انصهارا تلقائيا أو كسبا للرضا وتحقيقا لود الآخر الغربي. وعلى الرغم مما أحرزه ادوارد سعيد من نجاح فكري، فإنه فضل أن يكون في الطرف المناوئ للعموم. ولم تجعله هذه المناوأة في حالة تيه أو فراغ، بل حققت له سمة المثقف العضوي، لتضاف إلى سماته المميزة الأخرى. ومع بعده عن موطنه فلسطين، لكنه كان ذا دراية بحقيقة ما يجري فيها.
وهو الذي استشرف مستقبل إسرائيل فوجد أنها (الدولة الوحيدة في العالم بلا حدود معلنة ورغم هذا فإنها تحظى باعتراف جيرانها). وفي الفصل الثالث (نحو تقرير المصير الفلسطينيّ) من كتابه هذا (مسألة فلسطين) يستكمل سعيد الحديث عن اضطهاد الصهاينة للشعب الفلسطيني الذي توزع بين بلدان المنافي أو بقى تحت الاحتلال. فيقول: الحقيقة البديهية الآن هي أن الفلسطينيين، لأنهم هم جوهر "أزمة الشرق الأوسط"، يجب أن يشاركوا في حل تلك الأزمة. وفي حين أن حجة هذا الكتاب تدعم هذه الحقيقة البديهيّة، غير إنها تحاول أن تفعل أكثر من مجرد تقديم القضيَّة بشكل مقنع. وجهة نظري هي أنه بسبب وجود قبول عام (حديث) للهوية السياسيَّة الفلسطينيَّة هو على وجه التحديد واسع النطاق، فثمة أيضًا مجموعة من المخاطر المتمثلة في أن الحل العام قد يخطئ، بل يدمر الواقع المحدد والمفصل للفلسطينيين. ولذلك فإن ما حاولتُ تأكيده في هذا القول هو غنى "مسألة فلسطين"، غنى غالبًا ما يتم حجبه أو تجاهله أو تحريفه عمدًا.  لقد وجدت أن من المسلم به وجود مجموعات من البشر وبخاصة أولئك المشاركين بشكل مباشر في النضال الفلسطيني/ الصهيوني، يتصرفون انطلاقًا من قناعة عاطفية، أو في الأقل ملتزمة. ومثلما ينطبق هذا على الطريقة التي بها يشعر اليهود تجاه الصهيونية وإسرائيل فكذلك ينطبق على الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن عدم التماثل بين الفهم المشترك للصهيونية والفلسطينيين، أدى بشكل عام إلى قمع القيم وتاريخ الاضطرابات التي حرّكت الفلسطينيين طوال القرن العشرين. والبادي أن معظم الأمريكيين لا يدركون أن الفلسطينيين عاشوا بالفعل في فلسطين قبل ظهور إسرائيل إلى الوجود. ومع ذلك، فإننا لو أخذنا تلك القيم والتاريخ في الاعتبار، يمكننا أن نبدأ في رؤية أسس التفاهم والتسوية، وأخيراً السلام.
مهمتي هي تقديم القصّة الفلسطينيَّة، أما الصهيونية فهي معروفة ومقدرة بشكل أفضل. لا أعتقد أن من المبالغة القول إنه على الرغم من الاهتمام المفاجئ الذي أولي لهم، لا يزال يُنظر إلى الفلسطينيين بوصفهم مجموعة من المزايا السلبية في الأساس. وفي هذه الحالة، فإن عملية تقرير المصير الفلسطيني بالكامل هي عملية صعبة للغاية لأن تقرير المصير ممكن فقط عندما تكون هناك "ذات" واضحة المعالم يجب تحديدها. إن المنفى والتشتت يجعلان المشكلة واضحة على الفور. إذ طوال هذا القرن جعل الفلسطينيون ظهورهم التاريخي وإلى حد كبير يتخذ شكل الإنكار والرفض. لقد ارتبطوا بمعارضة الصهيونية، وبكونهم "قلب" مشكلة الشرق الأوسط، فبدوا في نظر الآخر إرهابيين، وبكونهم متشددين والقائمة طويلة وغير جذابة. لقد كان حظهم سيئا إلى حد غير طبيعي، حين جمعوا جنبا إلى جنب، بين حالة جيدة هي مقاومة الغزو الاستعماري لوطنهم، بالمصطلح الدولي والاخلاقي للمشهد، وبين المعارضة الأكثر تعقيدا من الناحية الأخلاقية، لليهود الذين يجرّون وراءهم تاريخا طويلا من الإيذاء والإرهاب. إن الخطأ المطلق للاستعمار الاستيطاني يضعف إلى حد كبير وربما يتبدد عندما يستخدم ايمانه المشدد ببقاء اليهود، الاستعمار لتسوية مصيره.
لا أشك في أن كل فلسطيني يفكر أو أولئك الذين هم مثلي خفف الحظ السعيد والامتياز من محنتهم، يعرفون بطريقة أو بأخرى أن جميع أوجه التشابه الحقيقية بين إسرائيل وجنوب أفريقيا تتزعزع في وعيه بشدة عندما يفكر بجدية في الفرق بين المستوطنين البيض في أفريقيا واليهود الفارين من معاداة السامية الأوروبية، فالضحايا في أفريقيا وفلسطين يتعرضون للجروح والندوب بنفس الطريقة تقريباً، على الرغم من اختلاف الجناة. ومع ذلك، فإن ارتباط الشعوب المضطهدة غير الأوروبية قد أدى إلى تنفير اليهود الذين اختاروا من دون تحفظ الغرب واتبعوا أساليبه في فلسطين.
حتى الآن فإن من الغريب وجود مجموعة من الصعوبات الهائلة التي هي في حد ذاتها أعطت الجزء الفلسطيني قدرة على البقاء، رغم حقيقة أن معظم هذه الصعوبات تم التلاعب بها من قبل قوى حريصة على رؤية الفلسطينيين يختفون. والأمر الأكثر إثارة للفضول هو الجهل التام بعلم النفس الإنساني الذي هو أساس لدى هؤلاء الصهاينة وغيرهم من بعض العرب أيضًا الذين اضطروا للتعامل مع الفلسطينيين، وهنا يظهر عمى السياسة وخشونة السلطة القمعية وكأنه كتاب مدرسي تقريبًا. كان المستعمرون الصهاينة في فلسطين وربما اليهود يأملون على المستويين النظري والعملي، رحيل العرب أو عدم إزعاجهم، أي الفلسطينيين، إذا ما تم تجاهلهم وتركهم وشأنهم. وفي وقت لاحق، اعتقدوا أن معاقبة الفلسطينيين بالأنوف الدموية والإرهاب من شأنه أن يدفعهم إلى قبول الصهيونية. بعد عام 1948، استخدمت دولة إسرائيل السكان العرب الأصليين لمحو آثارهم البشريّة، في محاولة لاختزالهم إلى فئة من الأشياء الطائشة، بالكاد متحركة، والمطيعة تمامًا. بعد عام 1967، تم التعامل بمزيد من الضراوة مع العرب المحتلين في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وسيناء وقطاع غزّة.
لم يسلم للعرب شيء، من التعذيب إلى معسكرات الاعتقال والترحيل وتدمير القرى والحقول (على سبيل المثال، تدمير حقول القمح بواسطة المواد الكيمياوية التي أسقطتها بايبر جيه
  في 28 أبريل 1972، في قرية عقربا بالضفة الغربية، (كما ورد في التقارير في صحيفة لو نوفيل أوبسرفاتور، 3 يوليو 1972) كما دُمرت المنازل، وصودرت الأراضي، وتم ترحيل السكان الذين بلغ عددهم الآلاف. ومع ذلك فإن الفلسطينيين لم يختفوا، حتى لو كانوا في نظر العالم مجرد عبارة رمزية - "القضية الفلسطينيّة" - كما يقال لنا، إلى الفجوة الأخيرة التي لا يمكن جسرها بين إسرائيل والدول العربية.
إن شكل بقاء الفلسطينيين هو ما يهمني. خذ الصعوبات الرئيسة الاتية: مجتمع منقسم ومشتت ليس له سيادة إقليمية خاصة به، ويواجه القمع الصهيوني المستمر واللامبالاة العالمية، ويلعب (دون استشارته) دور المحاور الغائب أو السلبي تمامًا، ويلعب دورًا غير مرغوب به في السلام الداخلي العربي وديناميات المنافسة بين القوى العظمى، والصراعات الأيديولوجية الإقليمية المتنوعة على السلطة.
من جانب آخر، تهدد التبعية والقمع الفلسطينيين، ولكن في الظروف التعيسة الحالية لا يمكن أن تكون هناك ذات فلسطينية موحدة تمامًا إلا من خلال الخطب والأفعال الفردية والمواجهة المتعمدة والمحفوفة بالمخاطر في نهاية المطاف مع دولة مضيفة أو أخرى لتأكيد الذات الفلسطينية. ولا يوجد، باستثناء الكارثة التاريخية الجماعية التي ذكرتها قبل قليل، وضع فلسطيني شامل، رغم أنني أعتقد أنه يمكن الحديث عن موقف فلسطيني جماعي. ففي لبنان، على سبيل المثال، هناك تواجد فلسطيني مسلح كبير، ترمز إليه سلطة منظمة التحرير الفلسطينية. ومع ذلك، فإن لبنان يخضع بالفعل لسيطرة سوريا، أما وضع منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فيتم بوساطة سوريا، إلى حد ما.
يحق للفلسطينيين في الأردن الحصول على الجنسية الأردنية، إلا أن الوساطة الأردنية الضرورية (التي تمارس حق الدول ذات السيادة على سكانها المقيمين) تمثل للبعض إشكالية في الوعي الفلسطيني بسبب الحرب الأردنية ضد الفلسطينيين في عامي 1970 و1971.
ويخضع الفلسطينيون في العراق ودول الخليج العربي لنفس القوانين التي تجعل الحرية المدنية الكاملة مستحيلة حتى بالنسبة للمواطنين الأصليين. ويعيش سكان الضفة الغربية وغزّة وما يسمى بالعرب الإسرائيليين في شبكة من القوانين والهيمنة التي تجعل من الصعب التوفيق بين وضعهم الجماعي ووضع أخواتهم وإخوانهم الفلسطينيين في الأردن أو لبنان.
يجب على كل مجتمع فلسطيني أن يناضل من أجل الحفاظ على هويته على مستويين في الأقل: أولاً، كفلسطيني فيما يتعلق بالمواجهة التاريخية مع الصهيونية والخسارة الفادحة للوطن؛ ثانياً، كفلسطيني في البيئة الوجودية للحياة اليومية، مستجيبا لضغوط دولة الإقامة.
 ليس لكل فلسطيني دولة فلسطينية، رغم أنها له من دون أن ينتمي إلى الدولة التي يقيم فيها حاليا. هناك فلسطينيون لبنانيون وفلسطينيون أميركيون، تماماً كما يوجد فلسطينيون أردنيون وسوريون وفلسطينيون من الضفة الغربية. وتتزايد أعدادهم بشكل نسبي أعلى من أعداد اليهود الإسرائيليين أو غيرهم من العرب، وكأن تكاثر التعقيدات يمتد حتى تكاثر الأجساد.
يولد الأطفال الفلسطينيون اليوم في أماكن مثل نيويورك أو عمان؛ ويعرّفون أنفسهم على أنهم "من" شفا عمرو أو القدس أو طبريا. تكاد هذه الادعاءات لا تعني سوى أنها تضيف إلى جينالوجيا الوجود الفلسطيني مفارقة منطق التاريخ والجغرافيا.  بالنسبة إلى الفلسطينيين، فإن لديهم إحساسًا بتفاصيل الواقع من خلال استخدام أنماط دمج الزمان والمكان الملموسة بشكل حاد. يبدأ هذا النمط في فلسطين ببقعة أرض حقيقية ولكنها أسطورية جزئيًا كمنزل أو منطقة أو قرية، وربما حتى مشغل، ثم ينتقل ليتقبل اختفاء الهوية الوطنية الجماعية (حتى مع بقائه داخل الهوية القديمة "فلسطين"). إن ولادة المنفى الملموس، دائمًا ما تكون بمثابة تصادم مباشر (ولاحقًا بشكل أكثر دقة) مع القوانين المصممة خصيصًا للفلسطينيين، وأخيرًا بعض مشاعر الأمل المتجدد، والفخر بالإنجازات الفلسطينية . هناك عداء في كل مكان، ولذلك يؤكد الطفل المولود منذ عام 1948 على الارتباط الأصلي بفلسطين المفقودة كدليل رمزي على أن الفلسطينيين استمروا في المضي قدما بغض النظر: أن كان من الممكن أن يولدوا هناك لولا عام 1948. هذا هو الجانب العاطفي. والآخر هو أن طفل ما بعد عام 1948 يسجل كل تجوال الوالدين ومحنتهم، ولا يزال فردًا قادرًا على التعبير عن حركتنا نحو المستقبل وكذلك طريقته الخاصة في أن يكون ذلك المستقبل. ولا يمكن مقارنة الأشخاص المحرومين الآخرين في التاريخ - إلا في بعض النواحي القليلة- بالفلسطينيين في القرن العشرين. إذ لا يتعلق الأمر بمن عانى أكثر أو خسر أكثر؛ مثل هذه المقارنات غير لائقة في الأساس. ما أعنيه هو أنه لا يوجد شعب - سواء كان خيرًا أو شرًا- يحمل أهمية متعددة، ومع ذلك لا يمكن الوصول إليها أو هضمها مثل الفلسطينيين. إن علاقتهم بالصهيونية،
وفي النهاية باليهودية السياسية وحتى الروحية، تضع أمامهم عبئًا هائلًا كمحاورين لليهود.
ومن ثم فإن علاقاتهم بالإسلام والقومية العربية والنضال المناهض للاستعمار والإمبريالية في العالم الثالث والعالم المسيحي (مع ارتباطه التاريخي والثقافي الفريد بفلسطين) والماركسيين والعالم الاشتراكي. كل هذه الأمور وضعت على كاهل الفلسطينيين عبئًا ثقيلًا. هو عبء التفسير وتكاثر الذوات التي لا مثيل لها تقريبًا في التاريخ السياسي أو الثقافي الحديث، وهي حقيقة أصبحت أكثر صعوبة بشكل مثير للإعجاب من حيث أن تصفيتها تمت بالنفي والتحفظات.
من الواضح أننا نحن الفلسطينيين نناضل من أجل تقرير مصيرنا، ولكن من أجل حقيقة أنه ليس لدينا مكان، ولا تضاريس مادية متفق عليها ومتاحة لندير نضالنا حولها. من الواضح أننا مناهضون في نضالنا للاستعمار والعنصرية، لولا حقيقة أن خصومنا هم أكبر ضحايا العنصرية في التاريخ، وربما يتم خوض نضالنا في حقبة حرجة من تاريخ العالم الحديث هي حقبة ما بعد الاستعمار. من الواضح أننا نناضل من أجل مستقبل أفضل، ولكن من أجل حقيقة أن الدولة التي تمنعنا من الحصول على مستقبل خاص بنا قد وفرت بالفعل مستقبلًا لشعبها التعيس. نحن عرب، ولكننا لسنا عرباً حسب، نحن منفيون ولكننا ضيوف متسامحون في بعض بلدان منفانا. ويمكننا أن نتحدث في الأمم المتحدة عن مشاكلنا الخاصة، ولكن كمراقبين فقط. ومن بين كل الأشخاص المحرومين بشكل لا لبس فيه، لا يمكن لرئيس أمريكي أن يقول بحذر (في هذا العصر من الاهتمام بحقوق الإنسان وتقرير المصير الويلسونيWilsonian  ) إننا يجب أن نشارك في تحديد مستقبلنا (خطوات الباليه الخرقاء حول عبارة تقرير المصير غريبة) في نفس الوقت فإن شبه المؤكد أنه لم يلتق قط بفلسطيني حقيقي ويتحدث معه أو أن حكومته اتبعت سياسات تنطوي على منع سماع الأصوات الفلسطينية بشكل مباشر فيما يتعلق بمسألة تقرير المصير الفلسطيني. لم يسبق لأي مجموعة قوميّة أن تحدث مضطهدها لفترة طويلة وبصوت عالٍ، لأنها بلا وجود سياسي وثقافي، حتى وإن تظاهر هذا "اللاشعب" وأعلن وحارب مضطهده يوميًا.
بالنسبة إلى الفلسطيني، فإن متواليات عبارات مثل (أكثر من اللازم/ لا على الإطلاق/ تقريبًا ولكن من أجل) تتلاشى على حسابه بشكل غير محسوس. هذه ليست صعوبات نفسية في المقام الأول ولها عواقب معينة، ولكنني أتحدث هنا عن صعوبات تاريخية ومادية حقيقية. وهذا ما يجعل وضع الفلسطينيين المضطهدين إلى هذا الحد غير طبيعي. إن تاريخهم ومعاصرتهم (تكعيبية) والكل فجأة يعترضون المستويات التي تبرز في عالم الثقافة أو المجال السياسي أو التكوين الإيديولوجي أو النظام السياسي الوطني. يكتسب كل فلسطيني هوية إشكالية خاصة به وحقيقية تتوسل الاهتمام وتطالب بالمسؤولية.
 يتضمن هذا الواقع الفلسطيني المتعدد الأشكال اليوم أجندات وقدرات قد تكون بنودها الفردية منطقية، ولكن مجملها يمثل كابوسًا لعالم السياسة. وإذا نحينا جانباً في الوقت الحالي المشاكل الأولية التي يواجهها الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزّة وتلك الموجودة داخل إسرائيل، فإن ثمة قرارات يومية يتعين اتخاذها بشأن علاقات منظمة التحرير الفلسطينية مع المملكة العربية السعودية والصين والاتحاد السوفييتي؛ هناك قرارات بشأن العلاقات مع كل دولة عربية، ومن بينها سوريا ومصر، حيث توجد مصلحة سياسية فلسطينية كبيرة على المحك؛ وهناك مسألة شؤون منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها؛ ففي كل يوم في لبنان، على سبيل المثال، يجب إطعام عدة آلاف من الأشخاص وتعليمهم وتسليحهم وتدريبهم وتثقيفهم. وهذا ينطوي على مواجهات مع الجيش السوري واليمين اللبناني والحلفاء المحليين؛ وبطريقة ما، يجب أيضًا أن تظل لكل مجتمع من المجتمعات الفلسطينية المختلفة أولوياتها المحددة واتصالاتها فيما بينها وبما يقلل من التوترات أو يزيلها ويعزز التحالفات.
وفوق كل هذا، ثمة دائمًا هدف مواصلة الضغط على إسرائيل التي يبدو الوصول إلى حدودها بعيدا بالنسبة إلى المنفيين الفلسطينيين. ومهما كانت المشكلات النفسيَّة التي قد نرغب في اكتشافها في الذات الفلسطينيّة - وهي موضوع جديد للتدقيق بين الفلسطينيين وغيرهم من "الخبراء" في تحليل الشخصية الوطنية- فإنني اعتقد أنها ستبدو سريعة الزوال نسبيًا إلى جانب هذه السلسلة من الضرورات المادية الملحة في العمل.