تطوير تقنيَّة للتحكم بالدماغ عن بعد

علوم وتكنلوجيا 2024/08/06
...

 باندورا ديوان

 ترجمة: أنيس الصفار 


التحكم اللاسلكي بالدماغ قد تحقق.. ولكنْ لا داعي للذعر منذ الآن.. ففي تطورٍ مزلزلٍ رائدٍ نجحَ علماءٌ من كوريا الجنوبيَّة في ابتكار تكنولوجيا للتحكم عن بعدٍ تمكن من توجيه الدماغ والتلاعب به باستخدام الحقول المغناطيسيَّة. يأمل الباحثون أنْ يساعدنا هذا الاكتشاف على فهم الوظائف الأعلى لأدمغتنا بشكلٍ أفضل، مثل الإدراك والعواطف والسلوك الاجتماعي.

يقول «شيون جن وو» من مركز الطب النانوي في كوريا الجنوبيَّة: «هذه هي أول تقنيَّة في العالم للتحكم الحرّ بمناطق معينة من الدماغ باستخدام الحقول المغناطيسيَّة، ونحن نتوقع لها استخداماتٍ واسعة النطاق في الأبحاث المعنيَّة بفهم وظائف الدماغ والشبكات العصبيَّة الاصطناعيَّة وتقنيَّة واجهة الكومبيوتر الدماغي ثنائي الاتجاه المعقدة وطرق المعالجة الجديدة للاضطرابات

العصبيَّة».

يحتوي الدماغ البشري على أكثر من 100 مليار خليَّة عصبيَّة (نيورون)، وهذه الخلايات توجدُ على شكل شبكة من الدوائر العصبيَّة معقدة الترابط. امتلاك القدرة على التحكم بخلايا عصبيَّة معينة بالتحديد سيسمحُ لنا باكتساب منظوراتٍ جديدة أنفذ عمقاً في الأدوار المختلفة التي يمكن أنْ تؤديها كلٌ من هذه الدوائر الكهربائيَّة الدماغيَّة، إلا أنَّ هذا لم يكن بالوسع تحقيقه حتى الآن إلا عن طريق تقنيات النفوذ الى الدماغ وهي تقنياتٌ تتداخل مع الحركات الطبيعيَّة.

كانت الحقول المغناطيسيَّة تستخدم منذ وقتٍ طويلٍ للحصول على الصور الطبيَّة، كما كانت توفر بدائل لا تداخليَّة للتحفيزات الدماغيَّة العميقة تعملُ عن بعد. واليوم يستخدم شيون وزملاؤه من مركز الطب النانوي وجامعة «يونسي» هذا المبدأ في ابتداع تقنياتٍ لتعديل الدماغ أطلقوا عليها تسمية «نانو - مايند» وهو مختصرٌ لعبارة (واجهة النانو المغناطيسيَّة للديناميكيات العصبيَّة).

تعملُ هذه التقنيَّة عن طريق الجمع بين المجالات المغناطيسيَّة والجسيمات النانويَّة الممغنطة لتحفيز دوائر كهربائيَّة محددة في الدماغ بشكلٍ انتقائي.

لأجل اختبار هذه التقنيَّة استخدم الفريق مجموعة من اناث الفئران (غير الأمهات) وبدأ يحفز لديهنَّ انتقائياً مجموعة من المستقبلات في منطقة محددة من الدماغ معروف عنها أنها المسؤولة عن تحريك غرائز الأمومة، وبالفعل أدى التحفيز الى زيادة سلوك الاحتضان لديهنَّ، مثل جلب صغار الفئران الى أعشاشهنَّ ورعايتهم.

بعد ذلك استطلع الفريق كيف يمكن لتقنيتهم أنْ تؤثرَ في سلوكيات التغذية لدى فئران التجربة، وذلك باستهداف دوائر عصبيَّة معينة معروف عنها أنها تتحكم بالدوافع. فعند تنشيط الخلايا العصبيَّة التي تسهمُ في تقييد الشعور بالشبع كانت النتيجة هي ازدياد الشهيَّة وسلوكيات التغذية بنسبة 100 %، في حين أدى تحفيز الخلايا العصبيَّة المعروفة بإطلاق الشعور بالشبع الى انخفاض هذه السلوكيات بنسبة 50 %.

هذا ليس معناه طبعاً أنَّ بالوسع استخدام التقنيَّة للتحكم عشوائياً بدماغ أي عابر سبيلٍ بلا تحديد، فرغم أنَّ التقنيَّة تعملُ عن بعدٍ تبقى تتطلب استخدام الجسيمات النانويَّة الممغنطة وأجهزة المجال المغناطيسي قصيرة

المدى.

يأمل الباحثون أيضاً أنْ يتمكنوا من صقل تقنيتهم بحيث تصبح قادرة لا على تحفيز مسارات عصبيَّة معينة فقط، بل أيضاً منع تلك المسارات لتطوير فهمٍ أفضل بشأن أي المسارات ينبغي التعامل معه لتحقيق وظائف معرفيَّة وعمليات صنع القرار والسلوكيات عالية المستوى.

يمكن الاطلاع على الدراسة الكاملة في مجلة «نيتشر».


عن مجلة «نيوزويك»