أ.د.جاسم يونس الحريري
مع اقتراب الذكرى الأولى لمعركة طوفان الأقصى الباسلة في السابع من تشرين الاول/ أكتوبر2023 ذلك الهجوم المباغت لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على منشآت ومستوطنات والقواعد العسكرية الصهيونية، ينتاب اليوم صراع داخلي صهيوني بين المعارضة الصهيونية وحكومة المجرم بنيامين نتنياهو، حول كيفية الاحتفال بهذه الذكرى، حيث تسبب قرار الحكومة الصهيونية تشكيل لجنة لإعداد مراسم الذكرى السنوية الأولى لهجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بجدل واسع مبكر في الداخل
الصهيوني.
وأعلنت تجمعات سكانية بمستوطنات محاذية لقطاع غزة وأقارب أسرى صهاينة في القطاع، مقاطعة المراسم باعتبار أن الحكومة الصهيونية، تتحمل مسؤولية وقوع هجوم على مستوطنات محاذية لقطاع غزة ومواقع عسكرية، فاجأت فيه حركة حماس الكيان الصهيوني، ووصفه مسؤولون أمنيون وسياسيون وعسكريون، بأنه فشل استخباري صهيوني بامتياز. وفي محاولة منه لحسم هذا الجدل، عرض الرئيس الصهيوني (إسحاق هرتسوغ)، يوم الجمعة الموافق 23/8/2024، أن تقوم الرئاسة بتنسيق وتنظيم هذه
المراسم. وقال هرتسوغ، في رسالة وجهها إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ونشرتها هيئة البث الصهيونية، إنه يقدم اقتراحه هذا “في ضوء النزاع العام الصعب والمؤلم الذي نشأ الأسبوع الماضي، وحتى نتمكن من خفض لهيب الخلاف ومنع المشاجرات والصراعات غير الضرورية”.
وأضاف أن المراسم “سيتم تنسيقها في حوار شامل مع جميع الأطراف المعنية، وستكون محترمة وموحدة ومتواضعة”. كما اقترح الرئيس الصهيوني “أن تحتفل كل جماعة ومستوطنة ومدينة بالذكرى السنوية كما يحلو لها”، بعد أن أعلنت تجمعات سكانية نيتها إحياء الذكرى بفعاليات خاصة. وأضاف: “أطلب أن يتم فحص هذا الاقتراح من قبلكم (نتنياهو) بالجدية التي تستحقها، وتقديمها إلى اللجنة الوزارية للرموز والاحتفالات لمناقشتها”.
وسبق أن كلف نتنياهو قبل أيام وزيرة المواصلات الإسرائيلية من حزبه “الليكود” (ميري ريغيف)، بمهمة إدارة المراسم، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في أوساط المعارضة وعائلات أسرى صهاينة في غزة. وتعقيبا على ذلك، قال زعيم المعارضة الصهيونية ((يائير لابيد))، في موقعه على منصة “إكس”، يوم الاثنين، الموافق19/8/2024 “ لن أشارك في مراسم إحياء 7 أكتوبر الذي تنظمه ميري ريغيف، وسأكون مع عائلات القتلى في (مستوطنات) آري وسديروت ونير عوز. هذه الحكومة غير شرعية ولا تستحق ذكراهم”. وأكد لابيد، أن “الحفل الوحيد الذي تستطيع حكومة نتنياهو والمتطرفون القيام به هو الاستقالة والإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق
رسمية”. أما زعيم حزب “معسكر الدولة” المعارض (بيني غانتس)، فكتب في موقعه على منصة “إكس”، يوم الأربعاء الموافق21/8/2024: “رئيس الوزراء، إن الطريقة التي سنحيي فيها ذكرى 7 أكتوبر لا يمكن أن أحددها أنا أو أنت أو الوزيرة ريغيف، إنها ليست لك، إنها لهم أولا (عائلات القتلى
والأسرى)”. وكانت ريغيف أثارت ردود الفعل مجددا عندما ردت، الخميس الموافق 22/8/2024 في مؤتمر صحفي، على الأصوات المعارضة لمسؤولية الحكومة عن المراسم بأنها “تتجاهل الصوت”. وفي هجوم مباغت هز الجيش الصهيوني، هاجمت حماس في 7 أكتوبر 2023 (11) قاعدة عسكرية و(22) مستوطنة بمحاذاة غزة، فقتلت وأسَّرَت إسرائيليين؛ ردا على “جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”، وفق الحركة. وتسبب الهجوم بحالة إرباك في الكيان الصهيوني على جميع المستويات، وسط اتهامات لحكومة نتنياهو بفشل التنبؤ المسبق بالهجوم، الذي اعتبره مسؤولون صهاينة أكبر خرق استخباري في تاريخ تل أبيب. ومنذ ذلك اليوم، مارس الكيان الصهيوني المسخ جرائمه بالإبادة الجماعية على المدنيين في قطاع غزة، ضمن حرب حظيت بدعم أمريكي مطلق، خلفت أكثر من 133 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة
قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل الكيان الصهيوني المجرم الحرب متجاهل قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.