متداول في «السوشيال ميديا»

آراء 2024/09/02
...

 حمزة مصطفى


 قبل يومين نشر أحد الزملاء معلومة في أحد «كروبات» الرأي المهمة خبرا عن اعتقال أحد الزملاء. وبينما تباينت المواقف والآراء بشأن واقعة الاعتقال المزعومة، فإنه حين تم الطلب من ناقل الخبر المصدر لكي يتم التيقن فيما إذا كان الخبر صحيحا أو مفبركا، كانت الإجابة إنه، أي الخبر، متداول في «السوشيال ميديا».
ولأنني شخصيا ولأكثر من مرة أحد ضحايا هذه السوشيال ميديا كتبت معلقا «في العراق لا سوشيال ولا ميديا». ربما أكون مغاليا قليلا، لكن عند التدقيق في ما يجري تعاطيه مع الأخبار والمعلومات، التي يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الذي يصدمك في المقام الأول، لا الخبر بحد ذاته أيا كان هذا الخبر، أو ما يمكن أن يتضمنه من معلومات أو حقائق أو أكاذيب، بل الكيفية التي يتم التعامل معها بشأن هذا الخبر. فالخبر بالنسبة لجمهور السوشيال ميديا وبخاصة ما يفترض أنه الجمهور، الذي يمثل الفئة الأولى منه، وهم المثقفون في مختلف تخصصاتهم بمن فيهم زملاء المهنة من المشتغلين في حقل الإعلام هو حقيقة لا غبار عليها. فإذا كانت الميديا تحتاج إلى قدر من التخصص والفلترة من حيث مرجعية الخبر ومصدر المعلومات الأساسية، التي يتضمنها فإن مواقع التواصل الاجتماعي لا تعترف بهذه القواعد. فالخبر هو الخبر. إذا كان عن اعتقال ففلان معتقل، وإذا كان عن سرقة ففلان سارق، وإن كان عن فضيحة ففلان مفضوح. لا أحد يتأكد والأخطر إنه لا أحد ينوي أو يريد أو يرغب مجرد رغبة في أن يتأكد.
كلنا يمكن أن نكون ضحايا لمثل هذه الأخبار، وأقصد نحن المشتغلين في حقول الإعلام والثقافة والسياسة والشأن العام. وبالتالي فإنه إذا كان المواطن لا يميز بين الخبر الكاذب والصادق فإنه ليس من حق المشتغلين في هذا الحقل التعامل مع أي خبر كما لو كان صحيحا. صحيح أن بعض الاخبار تنسب إلى فضائيات أو وكالات أو صحف رصينة، دون أن يعرف إنها مجرد فبركة تمت معالجتها بطرق الاحتيال الحديثة، خصوصا فإنها مثلما يفترض لا ينبغي أن تنطلي مع من يرى نفسه مهنيا ومحترفا. لقد بات كل من يحمل هاتفا ذكيا، يستطيع أن يفتح حسابا في كل التطبيقات الخاصة بهذه المواقع. وفي هذه الحالة فإن الجميع يكتبون ويصورون ويعلقون طالما إنه عالم مفتوح وليس حكرا على أحد. وفيما تبدو هذه ميزة من جانب كون حق إبداء الرأي والمعلومة بات متاحا لكل الناس، لكن ليس من حق كل الناس الكتابة والتعليق وإبداء الرأي في كل شيء بدءا من ضحكة كاميلا هاريس أو أذن دونالد ترمب إلى كيفية معالجة السكري من النوع الثاني أو اكتشاف دواء جديد
 للصلعان.