الأعظمية تستعد للاحتفال بالمولد النبوي

ريبورتاج 2024/09/12
...

 بغداد: غيداء البياتي  

 تصوير: علي قاسم

  اعتادت أم طيبة (46 عاماً) على شراء كل ما يخصُّ يوم الاحتفال بمولد الهدى فخر الكائنات الرسول الأعظم محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أسبوعٍ واحدٍ على الأقل، فقد أكدت لصفحة “أسرة ومجتمع” أنها “تسعى جاهدة في أول أسبوعٍ للتحضير لإحياء ليلة المولد الشريف فتجمع الأهل والأقارب وتقيم منقبة نبويَّة في منزلها الكائن في منطقة الأعظميَّة”.

وتقول: “يسود هذه الجلسة جوٌ من الفرح والمحبة والإيمان إذ يتمُّ خلالها استذكار الرسول الكريم “ص” وآل بيته “ع”، ويتم توزيع بعض الأكلات الشعبيَّة المعروفة لدى أهل بغداد وهي (الدولمة) ومن الحلويات المحلبي وزردة وحليب، وأنواع من العصائر فضلاً عن الزلابية والبقلاوة، ومن طقوس أهالي الأعظميَّة وضع صينيَّة المولد التي تحتوي على الياس ومواد غذائيَّة بيضاء اللون يتوسطها عددٌ من الشموع توضع في باب المنزل بليلة الاحتفال بالمولد الشريف من أجل تحسين النفس وللبركة وأيضاً لطلب النذر من الله”.


إيقاد الشموع

وعن شموع المولد تقول أم طيبة: “في كل عام أوقد شموع السلام في الصينيَّة الخاصة بالاحتفاليَّة في هذه المناسبة الدينيَّة المحببة على قلوب جميع المسلمين، هذا العام سأوقد شمعة نذرٍ كبيرة من أجل نصرة غزة وأهلها وسأضع زهوراً وشموعاً صغيرة أوقدها على أرواح الشهداء من اخواننا المسلمين في فلسطين، متمنية من الله أنْ يمنَّ عليهم بالنصر والأمان”. 

أما أنور فأكد أنَّه “سنوياً يستعدُّ مع رفاقه قبل أسبوع من قدوم المناسبة الدينيَّة البهيَّة لإيقاد المصابيح الملونة في فضاء فرع سكناه في منطقة الأعظميَّة ويحيطها بالنشرات البراقة والخضراء التي تحمل عبارة (محمد قدوتنا)، استعداداً لاستقبال ضيوف الرحمن للاحتفال بذكرى مولد رسول الله محمد “ص””.

وأضاف: “نحن كشباب نشعر بمسؤوليتنا تجاه المحافظة على الشكل الجميل للمنطقة أمام ضيوف الرحمن من عشاق الرسول محمد “ص” الذي جاء رحمة ومحبة لبني البشر، وعلى الجميع فهم ذلك للمساهمة في بناء عراق السلام والمحبة”، مبيناً أنه “منذ اليوم الأول من شهر ربيع الأول في كل عام يزين شارع المنطقة وأمام باب المنزل بعد تنظيفه” وأكد “أنها من العادات والتقاليد الجميلة التي اكتسبتها من والدي وسأحافظ عليها ما دمت حياً بل وأجعلها متوارثة عبر الأجيال”.

مظاهر الفرح في الاستعداد للاحتفاء بذكرى ولادة رسول الله “ص” تختلفُ من منطقة الى أخرى في بغداد، إلا أنَّها في منطقة الأعظميَّة مختلفة أجملها الحلة التي تكتسيها من أضواءٍ ملونة ونشرات خضراء وأخرى بيضاء تتوسطها عبارة (محمد قدوتنا) تتزين بها شوارع هذه المنطقة ومن جميع مداخلها، أما الأجمل فهي المناقب النبويَّة التي تقام في الجامع الأعظم بكل ليلة غروب حتى المساء منذ اليوم الأول لشهر ربيع الأول ولغاية الثاني عشر منه حيث الاحتفاليَّة بتلك المناسبة.


بين الماضي والحاضر

المتخصص في التأريخ الدكتور خالد حسن أستاذ في جامعة بغداد قال: “في السابق كان تنظيم واستعداد الاحتفال بالمولد الشريف يأخذ نمطاً مختلفاً، إذ كان هناك قبل إقامة المناقب النبويَّة والموشحات الدينيَّة التي كانت تقرأ بأصوات كبار المقام العراقي إعدادٌ مسبقٌ لمنهج خطابي ديني تربوي يتمُّ من خلال كبار رجال الدولة وشيوخ الجامع الأعظم فضلاً عن وجهاء المنطقة من المثقفين، يستذكرون من خلاله القيم الإنسانيَّة وروح التعاون والمحبة وصفات رسول الله (ص) وإيجاب الاقتداء بها، فكان الاستعداد للاحتفال منظماً، وفي ليلة المولد تبقى أصوات المدائح والأذكار النبويَّة تعلو حتى الصباح الباكر في جامع أبي حنيفة النعمان ومنطقة الأعظميَّة كلها، فيستقبلون الزوار المحتفلين من جميع أرجاء العراق”.

الدكتور حسن أشار الى أنَّ “هناك عادة مميزة خلال يوم المولد وهي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا وهي عرض شعرات الرسول محمد (ص) التي تمَّ الاحتفاظ بها منذ العهد العثماني في مسجد الإمام الأعظم ولا تعرض إلا في يومي المولد وليلة القدر”.

الجميل أنَّ أغلب المحال التجاريَّة تتسابق لتوفير كل ما يلزم للاحتفال بولادة رسولنا (ص) من نشراتٍ ضوئيَّة وشموعٍ متنوعة وغيرها من الأشياء الخاصة بالمناسبة.

محمد القيسي صاحب أحد المحال التجاريَّة يقول: “قبل أسبوعين من المناسبة نسعى لتوفير كل شيءٍ خاصٍ لهذه الاحتفاليَّة وبأسعارٍ مناسبة ومنها ما يخص الأطفال وملبسهم مثل الدشاديش البيضاء والطاقيَّة للأولاد والكلابيات المطرزة للصغيرات، لأنَّ أغلب الأمهات يتنافسن في ما بينهنَّ بجعل أولادهنَّ الأجمل خلال المناسبة، وحين السير بين درابين الأعظميَّة نرى الأطفال الفرحين وهم يرتدون الدشاديش البيضاء والصغيرات يتزينّ بكلابياتهن يوزعون الزردة بالحليب بين الجيران وهم يرددون قصيدة (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع)”.

بالتعاون مع القوات الأمنيَّة يقوم فريق طوارئ الأعظميَّة التطوعي بتأمين المنطقة وفق اتفاقيات مسبقة ليوم الاحتفال كما قال الشيخ إسماعيل مدير فريق الطوارئ وأضاف: “نسعى يومياً قبل ليلة المولد بأسبوع على إقامة المناقب النبويَّة الجوالة في السيارات وعبر مكبرات الصوت بين أزقة وشوارع منطقة الأعظميَّة كنوعٍ من البهجة والسرور بقدوم خير الكائنات محمد (ص)، وفي ليلة الاحتفال سيكون هنالك تعاونٌ مع القوات الأمنيَّة للتصدي لأي شيء يهدد صفو الاحتفاليَّة وفرحة الأسر من الزائرين، وسيتم القضاء على حالات التحرش، فضلاً عن أنَّ الفريق سيقوم بتوزيع وجبات طعام للفقراء وللزوار”.

الشيخ عمار من جامع أبي حنيفة النعمان قال: “لغاية اليوم لا يوجد أي تنظيمٍ استعدادي للاحتفال في ليلة الولادة الميمونة من قبل جامع أبي حنيفة النعمان وهذا التأخير كان لسببٍ مهمٍ جداً وهو نصرة أهلنا في غزة المحتلة والمنكوبة حيث سيكون الاحتفال مختصراً احتراماً لأرواح شهداء غزة، لكنْ اليوم ستعقد جلسة لقيادات الوحدات الإداريَّة في الجامع وسيتم تحديد تفاصيل الاستعدادات لإحياء الليلة المباركة، وعموماً حتماً سيكون هنالك احتفال الجماهير العفوي فمولد 

النبي (ص) هو بشرى لكل المسلمين”.