مريجاكشي ديكسيت
ترجمة: شيماء ميران
أجرى باحثون من جامعتي تكساس وستانفورد بحثاً رائداً، من شأنه أنْ يطورَ التصور الطبي، إذ استخدموا محلولاً بسيطاً من الماء وصبغة تلوين الطعام الشائعة (التارترازين) لجعل الجلد شفافاً. وعند تطبيق التجربة، وُضع الخليط على جماجم وبطون الفئران، فانتشرت الصبغة بسرعة في الجلد ما جعل هذه البقع شفافة.
يقول «زيهاو أوو»، الدكتور والأستاذ المساعد للفيزياء في جامعة تكساس في دالاس والمؤلف الرئيس للبحث: «يستغرق الأمر بضع دقائق حتى تصبح الشفافيَّة. طريقة عملها مشابهة لعمل كريم الوجه أو القناع، إذ يعتمد الوقت المطلوب على مدى سرعة انتشار الجزيئات في الجلد».
هذا التأثير المؤقت قابلٌ للعكس. كما أنَّ الصبغة (متوافقة حيوياً) ولا تسبب أي ضررٍ للحيوانات.
وفي حال تمَّ اعتماد هذه التقنية البسيطة، فقد تفتح طريقاً جديداً لمراقبة الأعضاء البشريَّة داخل الجسم.
يتصور الخبراء أنَّ هذه التقنية يمكن استخدامها لجعل الأوردة أكثر وضوحاً عند سحب الدم، وتبسيط إزالة الوشم بالليزر، والمساعدة في الكشف المبكر عن السرطان وعلاجه.
تقليل تشتت الضوء
يقوم الجلد الحي بتشتيت الضوء، على غرار الضباب، ما يجعل من الصعب الرؤية من خلاله.
كان المفتاح هو إيجاد تركيبة من شأنها تقليل تشتت الضوء في أنسجة الجلد.
يوضح «أوو»: «لقد قمنا بدمج صبغة صفراء مع الجلد، وهي جزيء يمتصُّ معظم الضوء وخاصة الأزرق والأشعة فوق البنفسجيَّة، ليكوّن وسطاً مشتتاً للضوء. ما يمنع معظم الضوء من المرور من خلالهما. ولكنْ عند جمعهما معاً، تمكنا من تحقيق شفافيَّة جلد الفأر».
يحدث «السحر» حين تذوب الجزيئات الممتصة للضوء في الماء وتغير معامل الانكسار للمحلول. وهذا يتوافق مع معامل الانكسار لمكونات أنسجة الجلد مثل الدهون. والمثير للاهتمام إنَّ هذا يقللُ من تشتت الضوء في الجلد، ما يجعله يبدو شفافاً.
تشير الخلاصة الى أنَّ «جزيئات الصبغة تقلل في الأساس من درجة تشتت الضوء في أنسجة الجلد، مثل تبديد ضباب كثيف».
وقدم الجلد الشفاف للباحثين فرصة فريدة لمراقبة التركيبات الداخليَّة المختلفة لجسم الفئران. وتمكنوا من مشاهدة الأوعية الدمويَّة في الدماغ مباشرة من خلال الجمجمة الشفافة. وكشفت البطن الشفاف عن الأعضاء الداخليَّة والتقلصات العضليَّة التي تحرك الطعام عبر الجهاز الهضمي.
اختبارات ضروريَّة
وبينما كان البحث ناجحاً عند تطيبقه على الفئران، لكنْ لا تزال فعاليته في البشر بحاجة إلى اختبار. ولأنَّ جلد الإنسان أكثر سمكاً بنحو 10 مرات من جلد الفأر، ما يجعله يتطلب جرعة صبغة مختلفة أو تقنيَّة توصيلٍ مختلفة للاختراق.
لذلك ستركز الأبحاث المستقبليَّة على تحديد الجرعة المثلى للصبغة للأنسجة البشرية. كما يهدف الفريق الى استكشاف جزيئاتٍ بديلة، بما في ذلك المواد الهندسيَّة، والتي قد تكون أكثر فعاليَّة من صبغة التارترازين.
تعدُّ الموجات فوق الصوتيَّة هي الطريقة الأكثر استخداماً لمشاهدة التركيبات الداخليَّة في الكائنات الحية. ويمكن أنْ تكون التكنولوجيا القائمة على هذا الحل خياراً أقل تكلفة لمثل هذه الفحوصات. كما يمكن استخدامها مع تقنية التصوير الضوئي الحاليَّة.
يشير «أوو» الى أنَّ «المعدات البصريَّة مثل المجهر لا تُستخدم بشكلٍ مباشرٍ لدراسة البشر أو الحيوانات الحيَّة لأنَّ الضوء لا يستطيع المرور عبر الأنسجة الحية. ولكنْ الآن بعد أنْ أصبح بإمكاننا جعل الأنسجة شفافة، ما سيسمح لنا بالنظر الى ديناميكيات أكثر تفصيلاً. وسوف تُحدث ثورة كاملة في البحث البصري الحالي في علم
الأحياء».
ومن الجدير بالذكر أنَّ نتائج البحث تمَّ نشرها في مجلة «ساينس».
عن دار Interesting engineering