أ . د . نجاح هادي كبة
يحاول بعض الأطفال الادعاء بأشياء لم تكن لديهم أو لدى أسرهم كأن يدعي الطفل ان والده ثري وانه يغدق عليه الكثير من الأموال لشراء ما يحتاجه وهلّم جرّا من الأقوال والادعاء الذي يجافي الواقع المعيش لأسرته والسبب في ذلك شعور الطفل بعقدة النقص ومحاولته تعويض حرمانه عن طريق التبجح وان يحسّن صورته أمام رفاقه في المدرسة أو المحلة، فيجد في تضخيم أناه وسيلة دفاعية ضد من يمتلك من رفاقه مؤهلات لا يمتلكها هو، والتبجح والكذب صنوان لا يختلفان كثيرا الا ان الطفل الذي يصاب بالتبجح يجد فيه خير وسيلة لان تكون له شخصية يحترمها زملاؤه وان يريد ان يفرضها عليهم فرضاً، أما الكذب فقد يكون لدواع ومسوغات أخرى لتحقيق أهداف معينة مثل ممارسة الخداع والتدليس للحصول على المال أو غيره ، يقول آن غاد في كتابه عاداتنا تفضح أسرارنا : “عندما نشعر أننا محبطون وقليلو الشأن، نبحث عن الفرص “ لنفخ أنفسنا “ ان وجود درجة من التبجح أمر شائع لدى العديد من الأولاد ، ولكنه عندما يبلغ درجات خطيرة يشير إلى أن احترام الذات عند الطفل هو في مستوى منخفض جداً “ ص:142 ، وقد يكون التبجح لدى الطفل نتيجة إصابة عائلته بداء التكبر على الآخرين فيتعلم الطفل داء التكبر من عائلته ثم ينقله إلى المجتمع (قانونا التعميم والانتشار لدى بافلوف) ولا شك في أنه حين يصطدم الطفل بأن تبجحه قد اكتشف أمام رفاقه في المدرسة أو المحلة يصيبه الخجل وضعف الثقة بالنفس وينزوي ويتحول تدريجياً (حسب نظرية العالم السلوكي الإجرائي سكنر) إلى طفل مصاب بأمراض نفسية كأن يكون انطوائياً لا يألف الآخرين ولا يتفاعل معهم وفي ذلك مما لا شك فيه سيشعره بالاغتراب عن الوسط الاجتماعي فلا يتفاعل معه . ويضيف (آن غاد) في المصدر نفسة: “وبالتالي فنادراً ما يستطيع هذا الطفل “ والشخص البالغ الذي سيصيره “ ان يكون سعيداً ، إذ انه لا يشعر أبداً بجدارته وكفاءته وأهميته عندما يكون على طبيعته .... ويعيش هذا الطفل في خوف من أن يكشف أحد الأمر ويفجّر فقاعته المنتفخة المليئة بالأكاذيب “ ص:143 ان تقوية الجانب الروحي والقيمي لدى الطفل أمر ضروري، لاسيما تأكيد ما جاء في القرآن الكريم كقوله تعالى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) لقمان , 18.
ومعنى لا تصعّر لا تتكبر وقال الرسول (ص): (التكبر على المتكبر عبادة) وقال (ص) : (التكبر رداء الله فمن لبسه فقد كفر) لان الأساس الاجتماعي والنفسي من أسس التربية السليمة .