• لماذا هذا التأكيد المتواصل على المواطنة
لأنَّها الأساس بالحكم على صلاح بنية أي دولة.
ولو كان الأمر بيدي لجعلت من المواطنة الاستحقاق الأساس في مناهج وبرامج وسياسات الدولة، لخلق وطن المواطنة ومجتمع المواطنية والمواطن الفعّال، على وفق مبدأ المواطنة العراقية تامّة الحقوق والواجبات.
• مع قيام الدولة الحديثة فلا وجود لفرد (غير مواطن) معلّق بالفراغ، فلا مكان ولا اعتراف بأي فرد دونما صفة انتماء قانوني (مواطني) لدولة ما،.. فالمواطنة شرعية، هي انتساب قانوني، وهي بعد، مصدر كل حق وواجب والتزام وتفاعل ومسؤولية تنتج عن هذا الانتساب الشرعي القانوني للدولة،.. وأُس ما نعانيه من أزمات مزمنة يتمحور حول الاحتيال على استحقاقات هذا الانتساب الشرعي للدولة (المواطنة).
• المواطنة ضحية الأعم الأغلب من المدارس والنخب السياسية التي مارست بناء وحكم الدولة العراقية منذ تأسيسها الحديث (بالذات المدرسة القومية وعلى الأخص البعثية).
فقد تم الاحتيال على المواطنة عندما مارست المدارس السياسية ثقافة التعويم للمواطنة العراقية لصالح أوطان مُتخيلّة أو مُفترضة أو وهمية أو مُؤمّلَة (على أساس قومي أو طائفي أو آيديولوجي) غير الوطن العراقي،.. إننا نحتال على مواطنة عندما نعوّمها لصالح أوطان مفترضة، فنحوّلها إلى مواطنة مستلبة لصالح الآخر غير
العراقي.
• نحن نحتال على المواطنة عندما تمارس الأنظمة السياسية مواطنة تمييزية وناقصة، فالدولة عبارة عن أمّة مواطنين تتشكّل من أفراد يترابطون معاً ويرتبطون بالدولة من خلال رابطة المواطنة كعضوية كاملة وعلى وفق قواعد العدالة والمساواة والحقوق والواجبات
التّامة.
وهنا، فلا يصح الحديث عن الدولة دونما مواطنة تامّة والتي على أساس منها تصاغ منظومات الدولة وسياساتها العادلة تجاه مواطنيها.
• إننا نحتال على المواطنة عندما نمارس الاستبعاد بحق المواطن على أساس قومي أو ديني أو طائفي في قوانين وسياسات الدولة، فالمواطنة صفة قانونية لا تقبل التفاوت وانتماء عضوي لا يقبل التفاضل.
ونحتال على المواطنة عندما نمارس الاستبداد بحق أمّة الدولة فنلغي حقها بالمشاركة وتقرير مصير سلطاتها، ونحتال على المواطنة عندما نغيّب مبادئ الشفافية والمساءلة والمحاسبة لمنتهكي الحقوق ولصوص الثروات التي هي ملك الجمهور.
• نحن نحتال على المواطنة عندما نجعلها حقوقاً دونما واجبات أو واجبات دونما حقوق، فالالتزام والإلزام والمسؤولية من اشتراطات المواطنة الفعّالة، فلا يمكن تصوّر نجاح لأي دولة مع تخلّي مسؤوليها ومواطنيها عن التزاماتهم ومسؤولياتهم.
إنَّ نجاح الدولة كما يحتاج إلى سلطات ومؤسسات كفوءة يحتاج أيضاً إلى مواطن ملتزم متخلٍ عن الفوضى والتمرد واللامسؤولية، ومتحلٍ بصفات المواطنة الفعّالة.
• إننا نحتال على المواطنة (بنيوياً) عندما نستعيض عنها بالمكوّن (العرقطائفي) بتكوين الدولة، فنقضي بذلك على روح الأمّة ووحدتها، ونرسّخ تخندق هوياتها المجتمعية وندخلها بصراع وجود ومصالح، فنشيع الكراهية والتضاد داخل بنية المجتمع الوطني الواحد، فنضرب وحدة الدولة بالصميم.
• نحن نحتال على المواطنة (كجمهور دولة) عندما نرتضي ولاءً خارج إطار المواطنية والوطنية العراقية، وعندما نحتكم لأُطر عرقية طائفية قبلية مناطقية كصفات وتصنيفات سياسية، فجمهور الدولة وطني صرف لا يقبل ولاءً أو تصنيفاً خارج إطار مواطنية ووطنية الدولة،.. ياسادة: بالكف عن الاحتيال على المواطنة نُحيي
الدولة.