شروق ماهر
بعد تحرير مدينة الموصل من سيطرة عصابات داعش الإرهابية، بدأت جهود إعادة إعمار المدينة، بما في ذلك كنائسها ومعابد المسيحيين والأديرة التي تعرضت للدمار، وتسببت بتأخير عودة الأسر المسيحية إلى مناطقها ومنازلها، حيث موطنها الأصلي سهل نينوى، وأيضاً المدينة القديمة التي تتمركز فيها عشرات الكنائس المسيحية لكل الطوائف المسيحية مثل السريان، والكلدان، والآشوريين، والأرمن، إذ إن إعادة إعمار هذه الكنائس أسهمت وساعدت بعودة المئات من الأسر المسيحية إلى منازلها ومناطقها بعد التهجير القسري للمسيحيين من محافظة نينوى.
محافظ نينوى عبد القادر الدخيل يقول في تصريح لـ (الصباح ) إن "الحكومة المحلية في نينوى إلى جانب المنظمات الإنسانية أسهمت ببناء وإعمار عدد كبير من الكنائس المدمرة على يد عصابات داعش الإرهابية، وما زالت مستمرة بإعمار الكنائس المدمرة على خلفية استتباب الأمن في الموصل، وعودة الخدمات التي كانت هي الأخرى هدفاً كبيراً لعودة المسيحيين إلى مناطقهم في سهل نينوى ومدينة الموصل".
جهودٌ وإعمار
ويضيف الدخيل أن "الحكومة أسهمت بإعمار أقدم الكنائس في مدينة الموصل من حيث البنية والتاريخ والثقافة وهي (كنيسة الطاهرة)، وقد بدأت جهود إعادة إعمارها بتمويل من مؤسسات دولية ومحلية إلى جانب إعمار (كنيسة الساعة) التاريخية والتي تعرضت لأضرار كبيرة، ولكن تمت إعادة ترميمها بمساعدة منظمات دولية مثل اليونسكو، التي شاركت بحملة إعمار الكنائس، ومن ثم إعمار (كنيسة مار بولس) حيث إن هذه الكنيسة شهدت أعمال ترميم واسعة النطاق بدعم من المجتمع المحلي والدولي، وإعمار (كنيسة مار توما)، التي تمت إعادة بنائها بتمويل من الحكومة العراقية ومساعدات دولية، كما تم افتتاح عشرات الكنائس التي انتهت منها حملات الإعمار خلال السنوات العشر الماضية".
العودة إلى أحضان المدينة
يقول الأب والقس عماد يوسف، إنه "بعد تحرير المدينة، بدأت الأسر المسيحية بالعودة تدريجياً إلى منازلها، حيث كان هناك دعم حكومي ودولي للإسراع بعودة الأسر المسيحية النازحة في إقليم كردستان والعاصمة بغداد بعد التهجير القسري الذي فرضته عصابات داعش على مسيحيي الموصل". مضيفاً "أن الحكومة العراقية قدمت هي الأخرى إلى جانب المنظمات الدولية دعمًا ماليًا ولوجستيًا لتشجيع عودة النازحين الذين نراهم اليوم يعودون تدريجياً إلى مساكنهم ومناطقهم في سهل نينوى، وأحياء أيسر الموصل وأيمنها والمدينة القديمة".
أما الأب يعقوب فرنسيس، فأكد أن "استعادة الحياة المجتمعية إلى جانب إعادة افتتاح الكنائس والمدارس ساعدتا في تسريع عملية عودة الأسر المسيحية واستقرارها بشكل واضح وكبير في سهل نينوى، حيث موطنها الأصلي إلى جانب عودة بعض من الأسر المسيحية إلى مدينة الموصل على خلفية استتباب الأمن الذي أعادته القوات العراقية بكل صنوفها داخل الموصل وسهل نينوى". لافتاً إلى"أننا لا ننسى دور اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي لعب دورًا كبيرًا في تمويل وإعادة بناء البنية التحتية والكنائس ومنازل المسيحيين المدمرة في محافظة نينوى".
إرث تاريخي
يوضح مسؤول الكنائس في محافظة نينوى الأب رائد عادل في حديث لـ (الصباح)، أنه "على الرغم من إعمار عدد كبير من الكنائس المدمرة التي تعرضت لأبشع الدمار في محافظة نينوى، إلا أنه لا يزال العمل مستمراً لإعمار وصيانة عدد من الكنائس والأديرة المسيحية المدمرة من قبل الفرق والجهد الهندسي في الحكومة المحلية، وذلك تزامناً مع العودة التدريجية للمسيحيين النازحيين إلى سهل نينوى والموصل المركز".
ويلفت، إلى أن "هناك عملاً مكثفاً مع جهود فرق التنقيب في مفتشية الآثار والتراث في نينوى لإعادة إعمار الكنائس التاريخية التي لديها عمر وإرث تاريخي يعود لآلاف السنين في الموصل القديمة وتحديداً أيمن الموصل".
لكن السيدة دانية أكدت، أن "عودتهم إلى الموصل وقرع الأجراس مجدداً أعاد الحياة الآمنة إلى نفوس المسيحيين، بعد سنوات من الرعب الشديد الذي عاشته الأسر المسيحية خلال النزوح، والتي استبعدت عودتهم إلى مناطقهم من جديد على الرغم من أن أعداداً كبيرة من المسيحيين يرغبون بالعيش بسلام في مناطقهم الأصلية في سهل نينوى، بعيداً عن أحداث العنف والإرهاب الذي يفرض على المسيحيين داخل نينوى".