أين هؤلاء وغيرهم؟!

الرياضة 2024/09/30
...

علي رياح

للتغيير حسنات لا تخفى، وهي لا تعدّ ولا تحصى.. وحين يتعلّق الأمر بكرة القدم، فإن التغيير يبقى سمة لا بدّ منها كي تحتفظ بما لديك من نجاح أو لكي ترتاد آفاقاً أخرى تخرج بها من الرتابة وتآكل الأساسات.. كمثال واحد بين الأمثلة التي تحفظها الذاكرة، لن أنسى أبداً ظروف ومبررات التغيير الجذري لمنتخبنا عام 2003 حين ذهبنا إلى السعودية في أول مهمة لمنتخب عراقي بعد الحرب.. كنتُ خلال الرحلة أتساءل عمّا تركه التغيير في بغداد من ردود أفعال حين تحدث عدنان حمد عن أن المنتخب الذي ذهب به الألماني ستانج إلى تصفيات آسيا لم يعد صالحاً كله للاستمرار، فلا بد من إعادة النظر ولو في بعض مراكز اللعب.. ولم تتأخر الإجابة على الأرض، فقد فاز المنتخب الأولمبي بكأس الصداقة بمدينة أبها ليمهد بذلك الطريق أمام عدنان حمد كي يتسلّم زمام المنتخب الأول.
كان الفريق الأولمبي يضم نخبة مهمة من اللاعبين: يونس محمود، نور صبري، باسم عباس، مهدي كريم، عماد محمد، نشأة أكرم، قصي منير، هوار ملا محمد، حيدر عبد الأمير، حيدر عبد الرزاق وغيرهم.. وبالمقابل كانت شمس بعض لاعبي المنتخب الأول تميل إلى الغروب بعد أن قدموا خدمات كبرى وعلى مدى سنين عديدة، ولكن كان من الحتمي إقناعهم بأن يخلوا أماكنهم للجيل القادم في متوالية لا بدّ منها بحكم مقتضيات العمر.. فلم يحدث في التاريخ أن رهن منتخب آماله ومصيره بعدد محدود من اللاعبين على مدى مفتوح من الزمن، وقد كان بيليه عام 1958 نجماً غضّاً ثم كان عليه أن يمهد باعتزاله الطريق أمام ظهور (بيليه الأبيض) زيكو، وهكذا الحال بالنسبة للآلاف من الأمثلة الأخرى.
حدث التغيير في ذلك الوقت وبقيت النخبة تلك من لاعبينا أساساً للمنتخب في نجاحاته وفي إخفاقاته أيضاً، لكنها شكلت خلال عدد من السنوات الملامح الأساسية للمنتخب وقد لعبت الدور الأبرز في حصولنا على المركز الرابع في أثينا ثم فوزنا بكاس آسيا وهما من بين أهم الإنجازات الكروية التي عرفها العراق.
لا يمكن لأي فريق أن يحتفظ بحيويته ونضارته ما لم يكن قابلاً للتغيير مع مرور الزمن، وأنا أفرح كثيراً حين أرى المواهب الشابة الواعدة الصاعدة وهي تصعد إلى قاطرة المنتخب بين حين وآخر سواء من لاعبي الدوري المحلي أو من محترفينا في الأندية الخارجية، مع الاحتفاظ بما يلزم من عناصر الخبرة التي تتمتع بميزة الحضور في دائرة الضوء والنجاح.
في الأمس كان جمولي، وعمو بابا، وفلاح حسن، وهادي أحمد، ورعد حمودي، وحسين سعيد، وأحمد راضي، وناظم شاكر، وحبيب جعفر، وعماد هاشم ومئات غيرهم يمثلون نماذج للأجيال المتتالية التي كانت في علياء شأنها، وقد كان عليها أن تغادر في الأوان المناسب كي تتواصل أجيال المنتخب وكي يتعزز نبض الحياة فيه.. فهل ينبغي في يوم من الأيام أن يتوقف الزمن عند حدود أي جيل من الأجيال لتتسلل الشيخوخة إلى أوصال المنتخب، أم سنتبنّى دوماً سياسة التجديد بعزم وشجاعة ومن دون محاباة؟!