رحيم رزاق الجبوري
إن شغف وحبّ وتشجيع أي نادٍ بالعالم، تقترن بالتميز والتتويج والجذب والمتعة. ولكل نادٍ في العالم تقاليد وعوامل خاصة في ذلك. فمثلا هناك أندية - في جميع دوريات العالم- تعلم علم اليقين أنها لا تصل إلى المنافسة على الألقاب؛ لكن جمهورها لا يتوقف إطلاقا عن المساندة والدعم طوال الموسم. هو العشق بعينه، وربما الانتماء للمدينة التي ولد منها هذا النادي، وربما عوامل أخرى جاذبة ومساعدة في ذلك. هل سألت نفسك يوما: لماذا تعشق هذا النادي، دون غيره، وتذوب في تشجيعه وتتحسّر حينما تتراجع نتائجه؟ وكيف تولّد ذلك الإحساس والشغف بالانتماء لشعاره، وبدأت تشعر يوما بعد آخر بأن هناك شيئا خفيا يجذبك إليه؟ إنه سر وسحر وعمل مضنٍ وتراكم بطولات، ومما لا شك فيه، أن العديد من الأندية تعمل على هذا المجال من خلال توسيع قاعدتها الجماهيرية سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، وبدأت تجني ثمار ما صنعته ببناء أمبراطوريتها الكروية من خلال كسب جيل بعد آخر جراء التخطيط المثالي والتسويق المنظم والإدارة الاحترافية.
معشوقة الملايين
يقول كرار الشحماني (كاتب وصحفي رياضي) إن: “كرة القدم، رياضة تعشقها قلوب الملايين حول العالم بمختلف شرائحهم ومسمياتهم وقومياتهم ودياناتهم. ومن هذا المنطلق فإن هذه الجماهير مختلفة وكبيرة ولها حضور بارز ومميز يختلف جذريا عن بقية الرياضات الأخرى، وعليه فإن نادي كرة القدم حينما يريد أن يصنع جمهورا خاصا به، فعليه أن يعتمد على أسس ثابتة ورصينة وعمل احترافي متواصل».
أصناف
ويضيف بالقول: “إن أغلب النوادي الرياضية تحظى بجمهور رياضي يتبع رقعتها الجغرافية. فمثلا هناك نادٍ يمثل اسم محافظة أو مدينة معينة؛ وبهذا اكتسب جمهورا مجانيا. وجمهور آخر يحمل ذائقة خاصة يعتمد في تشجيعه على حضور اللاعبين المميزين. وهناك نوعية يصعب الحصول على دعمها، إلا من خلال مسيرة حافلة من البطولات والمراكز المميزة والأداء المبهر للنادي. إضافة إلى وجود جمهور واعٍ ومثقف، وهذه الفئة تختار النادي بعناية كبيرة وتركز على البعد التاريخي والثقافي والاجتماعي للنادي. فضلا عن وجود جمهور عالمي، وهذا يبحث في الأساس عن اسم وشهرة النادي العالميين».
حب فطري
ويتابع الشحماني، بالقول: “إن ولادة حب النادي المحلي والعالمي تكون مرتبطة بشكل عاطفي للشخص ذاته، إذ إن البعض يعشق ويحب نادي محافظته أو مدينته بشكل تلقائي، أما عالميا فإن الاختيار يكون شخصيا ونابعا عن قبول وقناعة تامة مرتبطين بنادٍ معين، من خلال شهرته ومسيرته وإنجازاته وبطولاته التي حققها، فضلا عن قوة حضوره على أرضية الملعب وشهرة ونجومية لاعبيه».
عوامل داعمة وجاذبة
ويختم: “على أنديتنا المحلية إذا ما أرادت جذب مشجعين، وتوسيع قاعدة جماهيرها وكسب جيل جديد إليها، أن تستقطب لاعبين ذوي شهرة مقبولة، وإنشاء بطولات محلية ودولية، وتنظيم مسابقات ترفيهية للجمهور وتوزيع جوائز بين الفائزين، إضافة إلى تركيزها على دعم ومساندة القضايا الإنسانية والاجتماعية من خلال كرة القدم، فضلا عن توفير مميزات مختلفة عن باقي النوادي، من خلال طرح بطاقات دخول مجانية أو منح هدايا عينية لعدد من الجماهير الحاضرة وتحفيزهم على المشاركة والمساهمة مع نشاطات وفعاليات
النادي».
أبعاد حماسية
بدوره يرى همام السنجاري (كاتب رياضي) أن: “حضور الجمهور للمباريات له بعد حماسي، ولكن في دورينا وخلال السنوات الأخيرة تحول إلى دافع اقتصادي ومورد مهم للأندية. وبسبب ذلك أصبح الحضور الجماهيري قليلا جدا؟ وعليه يجب أن تكون أسعار التذاكر
واقعية، ومثال على ذلك في ملعب الشعب الدولي، وبسبب سعر التذكرة المرتفع البالغ (10 آلاف دينار)؛ تجد حضور الجمهور متواضعا جدا؟ وفي هذه الحالة نخسر الدافع الحماسي والاقتصادي معا؛ بسبب عدم حضور اللاعب رقم 12. بينما على الجانب الآخر، في ملعب زاخو يتراوح سعر التذكرة بين (1000 - 2000 دينار)، فتشاهد الملعب ممتلئا عن آخره؛ وفي هذه الحالة قد ربح واستفاد النادي من العنصر الحماسي والاقتصادي معا».
توفير عناصر الراحة
ويضيف السنجاري، قائلا: “إن الجمهور بالنسبة للنادي هو زبون وضيف، وعلى الإدارة إسعاده وهو جالس على المدرج لمشاهدة وتشجيع فريقها، وذلك بتوفير جميع سبل الراحة والترفيه له، فكرة القدم فيها من الحب والشغف أكثر من أي شيء آخر، فنرى الدموع والفرح والجنون والصدمة والشغف والحماس”. مطالبا في ختام حديثه إدارات الأندية بـ”تعلم وتطبيق فنون التسويق والإدارة والجذب لكي تكسب جمهورا جديدا يتناسل يوما بعد آخر في عشق شعار النادي ويرقص فرحا وبهجة، متغنيا بصولاته وبطولاته الكروية؛ إذا ما أرادت توسيع قاعدتها الجماهيرية».