عين أخي الحديديَّة

ثقافة 2024/10/01
...

  ذو الفقار يوسف


انظر إلى الحياة يا أخي، حاول مرة بعد أخرى أن ترى، بعين الأطفال شاهدها، وكما العجائز في آخر أيامهم ببصيرة لا تكل، لا تبخل بالتركيز، أن تهمش كل ما نصح به العلماء والفلاسفة عندما يتعلق الأمر برؤيتك، تميز بذلك، وكن فريداً على كل البشرية في أدائك، توغل في رؤية تفاصيل الموجودات، والأهم من ذلك أن تستخدم عين روحك كلما توجهت لمشاهدة جذورها وثمارها، دعك من الأمنيات الأرضية، اجعل لك عينين سماويتين، أن ترى كل الأشياء من فوق الأشياء، وتطالع كل ما خُلق كما خُلق، بلا إضافات ولا معايير، بصفاء لا شبيه له، ثق بخيالك لمرة واحدة بأنك تستطيع فعل ذلك، فلا شيء يمنعك عنه إلا أنت، تخط الحدود، إن الحكمة من ذلك يا أخي أن تكون موجوداً وغير موجود، صر كما الشهب، تسطع وتندثر، شعاع شمس تصير، لا تستح إن خفت كن واثقاً بأنك بعد ذلك ستنتشر، تحدث بعينيك، اصرخ بهما بكل قوتك لتتعلم الطريقة، واعلم جيداً بأنك إن رأيت لمرة واحدة ستجد الحقيقة.

حين ترى يا أخي سوف تفتح عينيك على نفسك أولاً، ندم يتغلغل من جوف روحك لما كنته في ماضيك، في تلك اللحظة ستجد كل ما كسرته في روحك، كل إعصار داهمك، وسترى كل تعويذات القبح التي اعتدت على وجودها في داخلك، مواكب اللامبالاة وأنت تحتضنها بضعفك واستسلامك، ستقف حينها على حافة الخلاص، لا لكي تموت، بل لتُنقذ، إن في عينيك طاقة كونية لا تنفد، أن تزيد من توهج شعلة الروح بنقائها الأول، تلك التي صُيرت منها، أن تشهد بنفسك على ملايين الأشياء التي كانت تهمك حينها، تبتسم وأنت تثق بنفسك بأن لا عودة لك إليها، فهذه المرة أنت ترى. 

يا أخي سترى البشر أيضاً، ستشكلهم كما تريد وتحب بلا غرور، لن يكونوا بعد الآن فلكاً في أيامك يدور، سيتحولون بعينيك إلى قشرة موز أو أسطورة قديمة انقرضت منذ آلاف السنين، وحين تفعل ذلك ستتنفس للمرة الأولى وتعيش من جديد، يا أخي هكذا ستصير عندما يكون بصرك حديداً.