بغداد :غيداء البياتي
تحرص مديرة ثانوية الفوز للبنات خولة موفق بالتعاون مع كادرها التدريسي، وعلى نفقتهم الخاصة بداية كل عام دراسي جديد على تهيئة أجواء ملائمة للدراسة، فهي ترى في تنظيم وتشجير وزراعة الحديقة المدرسية أمرا ضروريا لراحة النفس للطالبات ولكل العاملين فيها، وتؤكد أن المساحات الخضراء داخل المدرسة، لها دور فاعل في البيئة المدرسية هذا ما قالته موفق لـ»اسرة ومجتمع» واضافت إن «الحديقة داخل المدرسة تسهم في رفع كفاءة تذوق الطالبات الفني، وإحساسهن الجمالي أثناء سيرهن في أروقة المدرسة خلال وقت الاستراحة بين الدروس، واستمتاعهن بما يحيط بهن من نباتات وورود جميلة متممة للقيمة الجمالية، فضلا عن أنها تؤثر في مناخ المدرسة وطبيعتها، كذلك تعد مصدر جمال يساعد على تهدئة الأعصاب وراحة النفس».
الاستمتاع بالزراعة
أما المعاونة في ذات المدرسة سجى طارق تقول «إنها تجعل الطالبات يغرسن بعض الأنواع من الاشجار والزهور في الحديقة، واشارت إلى أنها بين الحين والآخر، وخلال الشواغر تخرج الطالبات إلى باحة المدرسة، وتجعلهن يستمتعن بالزراعة والسقي، لا سيما عندما يكون الجو معتدلا، مبينة؛ أن هذه الطريقة تعد بمثابة المكافأة للطالبات، فهن يستمتعن كثيرا بزراعة الشجيرات وغيرها من النباتات الظلية، وأن هذا الاسلوب يجعلهن يحافظن على نظافة الحديقة والاهتمام، بما زرعن من فسائل بل ويتابعن نموها، وهو بالتالي يعد من أنواع الترفيه عن النفس، كذلك يساعد الطالبات على استيعاب الدروس العلمية كالأحياء والعلوم والزراعة، وتغرس في نفوسهن حب العمل الجماعي وتمتع الناظرين وتهدئ النفس».
طارق أكدت أن مديرة المدرسة وكادرها التدريسي يتحملون سنويا جميع المصاريف الخاصة بالحديقة المدرسية، مشيرة إلى أن جميع المدرسات يتبرعن شهريا مبلغا معينا لترميم وإدامة الأشجار والنباتات الموجودة في حديقة المدرسة، سواء كان خلال الدوام الرسمي أو في العطلة الصيفية، وذلك بهدف الاستعمالات البيئية والصحية، والتزيينية».
علاقة الإنسان بالطبيعة
مدرسة مادة الاجتماعيات في مدرسة المهج الابتدائية رفقة شوقي أشارت إلى أن الحديقة تعد رمزا لعلاقة الانسان بالطبيعة وتقول إن «هذا كان اعتقاد الفلاسفة الشرقيين القدماء، وهو اعتقاد صائب، فسيدنا محمد (ص) أخذ البيعة من أصحابه تحت الشجرة، والمسيح (ع) ولد تحت جذع النخلة، والشجرة هي ركن أساس من أركان الحديقة، وهي كلمة استخدمها اليونانيون الذين اتخذوا حدائق منازلهم أماكن يعلمون فيها طلابهم الحكمة، لما لها من دور كبير في غرس المعرفة، ودورها الفعال في تنشيط ذاكرتهم، وتلطيف الأجواء وانتعاش النفس، فقد اعتنى الخلفاء الراشدون وأمراؤهم بزراعة الحدائق، حيث اهتموا بتنسيقها وحساب مساحتها لتكون ذات أثر فعال على مناخ المدارس.
شوقي اشارت إلى أن أغلب المدارس اليوم تفتقد إلى المساحات الخضراء، وقد تقتصر على بضع شجيرات داخل وعاء فخار في مدخل المدرسة، وذلك بسبب قلة وجود المدارس في الرقعة الجغرافية الواحدة وكثرة عدد الطلبة، حيث يبلغ عدد طلاب الصف الواحد الـ»70» طالبا، ما تضطر إدارات المدارس إلى بناء صفوف إضافية وإلغاء الحديقة المدرسية المهمة جدا في صفاء ذهن الطالب والمدرس».
طاقةٌ إيجابيَّة
الطالب في متوسطة الحارث بالأعظمية قتيبة العبيدي قال «إن حديقة المدرسة تمنحني طاقة ايجابية وتجعلني أحب التعلم والعلم، فهي أكثر مكانا ممتعا في المدرسة، ألتقي زملائي ونلهو ونقضي وقت الاستراحة في هذه الباحة الجميلة، بالرغم من صغر مساحتها، إلا أن فيها متعة جمالية وعلاجا للنفس».
استشاري الطب النفسي ورئيس جمعية الأطباء النفسانيين في العراق د. حيدر المالكي بين أهمية وجود الحدائق داخل المدرسة فقال:» إن وجود مساحات خضراء في أروقة المدارس مهم جدا لما لها من دور فعال في تحسين نفسية الطالب، فالتواجد في الاماكن الخضراء بعد الشعور بالملل مثلا أو الإحباط من صعوبة مادة علمية معينة، تجعل الطالب يسترخي تدريجيا ويتأمل جمال الطبيعة والحياة من خلال نمو الاشجار والازهار، فيصبح لديه أمل بغدٍ جميل مزهر ويكتسب طاقة ايجابية، وكما قال المفكر جون ارسكين في كتابه «الحياة الكاملة» إن العناية بالحدائق من عمل الفلاسفة فنثر البذور وتسوية الارض والتربة تجعل من الرجل فيلسوف، فهي وقفة تأمل يرقب من خلالها مولد الحياة ونموها».