إيريك رالز
ترجمة: شيماء ميران
ربما تكون قد سمعت على مدار الأسابيع القليلة الماضية، أن الأرض ستحصل على قمرٍ ثانٍ لها، واليوم نؤكد أن الأرض لديها قمران بعد التقاط الكويكب «2024 PT5”. إذ التقطت الأرض هذا الكويكب في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، وحولته الى قمرٍ صغيرٍ مؤقت.لقد رُصد هذا الحدث المثير للاهتمام لأول مرة من قبل علماء الفلك في جامعة كومبلوتنسي بمدريد. وشارك “ريتشارد بينزيل”، عالم الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT).
بعض الأفكار حول هؤلاء الزوار السماويين: “تتكرر هذه الأشياء باستمرار، لكنْ نادراً ما نراها بسبب صغر حجمها وصعوبة اكتشافها. ولم تصل قدرات المسح لدينا إلى نقطة اكتشافها بشكلٍ روتيني إلا مؤخراً”.
وتمكن فريق جامعة “كومبلوتنسي” في آب الماضي من اكتشاف صخرة فضائية صغيرة باستخدام تلسكوب قوي يقع في ساذر لاند جنوب افريقيا.
ما هي الأقمار الصغيرة؟
إنَّ الأقمار الصغيرة مثل «2024 PT5” هي كويكبات صغيرة تسيطر عليها جاذبية الأرض لفترة من الوقت، ما يسمح لها بالدوران حول كوكبنا قبل أنْ تتحرك، تدور هذه الأجسام الصغيرة عادة حول الشمس مثل الكويكبات الأخرى، ولكنْ عندما تقترب من الأرض بدرجة كافية، يمكن لجاذبيتنا أنْ تسحبها الى مدارٍ مؤقت، لكنْ لا تبقى فيه لفترة طويلة، فقد تتسكع بضعة أسابيع أو أشهر قبل أنْ تتحررَ وتستمرَّ في رحلتها حول الشمس.
ويجد العلماء أنَّ الأقمار الصغيرة مثيرة للاهتمام حقاً؛ لأنها تمنحنا فرصة لدراسة الأجسام القريبة من الأرض عن قرب ومعرفة المزيد حول كيفيَّة عمل نظامنا الشمسي.
رحلة 2024 PT5
وفقاً لبيانات نظام “Horizons” التابع لمختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا، فإنَّ بقاء هذا القمر الصغير ستكون قصيرة.بدأ الالتقاط المؤقت في الساعة 3:54 مساء بتوقيت شرق اميركا يوم 29 أيلول الماضي، وسينتهي في الساعة 11:43 صباحا بتوقيت شرق اميركا يوم 25 تشرين الثاني من العام الحالي.
يعدُّ (2024 PT5) جزءاً من حزام كويكبات “ارجونا”، وهي مجموعة من الصخور الفضائية التي تتبع مدارات مماثلة لمدارات الأرض، وتبعد 93 مليون ميل عن الشمس.
يمكن لبعض أجسام “ارجونا” الاقتراب من الأرض على مسافة قريبة تبلغ 2.8 مليون ميل وبسرعة منخفضة نسبياً تقلُّ عن 2200 ميل في الساعة.
يقول “كارلوس دي لا فوينتي ماركوس”، أستاذ وخبير الأقمار الصغيرة من جامعة كومبلوتنسي، لموقع Space.com.: “لن يصف الكويكب 2024 PT5 مداراً كاملاً حول الأرض. وقد تقول إنه إذا كان القمر الصناعي الحقيقي يشبه العميل الذي يشتري البضائع داخل المتجر، فإنَّ الأجسام مثل 2024 PT5 هي مجرد متسوقين”.
شهرة الالتقاطات
رغم أنه لا يبدو اكتساب الارض قمراً ثانياً عادياً، لكنَّ التقاطات الجاذبية هذه أكثر شيوعاً ممَّا نعتقد. لقد وثق العلماء رسمياً «التقاطين قصيرين» سابقين، استمرا أسبوعاً تقريباً ويقدر حدوثهما عدة مرات في العقد. كان هناك أيضا حدثان نادران «لالتقاط طويل».
سيواصل (2024 PT5) رحلته حول الشمس كجزءٍ من عائلة أرجونا بعد زيارته القصيرة. ولن يظل موجوداً لمليارات السنين مثل قمرنا الأساسي، لكنَّ وجوده العابر هو تذكيرٌ بالطبيعة الديناميكية لجيراننا الكونيين.
غير مرئي حالياً
قد تتساءل اليوم، عن إمكانيَّة رصد هذا القمر الصغير في السماء ليلاً. ولسوء الحظ، إنَّه صغيرٌ جداً وخافتٌ بالنسبة لنا. هكذا جسم صغير جداً وخافت نموذجي بالنسبة للتلسكوبات ومناظير الهواة. ومع ذلك، فإنَّ الجسم يقع ضمن نطاق سطوع التلسكوبات النموذجية التي يستخدمها علماء الفلك المحترفون. ويلزم لمراقبة هذا الجسم تلسكوبٌ بقطر لا يقل عن 30 بوصة إضافة الى كاشف CCD اوCMOS، ولن يكون تلسكوب مقاس 30 بوصة وعينٌ بشرية كافيين.
المقارنة مع قمرنا
من ناحية الحجم، يبلغ قطر قمرنا 2159 ميلاً تقريباً، في المقابل، يُعتقد أنَّ 2024 PT5 يبلغ عرضه 37 قدماً فقط. ما يجعل قمرنا أوسع من هذا الكويكب الصغير بأكثر من 300000 مرة.
رغم اننا لا نستطيع رؤيته بأنفسنا، لكن المعرفة بوجوده امر مثير للغاية، فهو كضيف غير مرئي يشاركنا مدارنا لفترة قصيرة.
مع أنَّ هذه الأقمار صغيرة، لكنها توفر فرصاً كبيرة للعلماء لمعرفة المزيد عن الأجسام القريبة من الأرض. ويمكنّها من تقديم رؤى حول تكوين الكويكبات وديناميكيات نظامنا الشمسي.
يقول بينزيل: “إن هذه الالتقاطات المؤقتة هي مختبرات كونية طبيعية. وتساعدنا على فهم الأجسام الصغيرة التي تقترب من الارض وقد تكون مهمة لمهام الفضاء المستقبلية”.
عن موقع earth.com