العراق يجدد دعوته لمنع اتساع الصراع ووقف العدوان الصهيوني
بغداد: محمد الأنصاري
جدد العراق، موقفه الثابت في بذل الجهود لإيقاف العدوان على غزة ولبنان، وإحباط مخططات الكيان الصهيوني الساعية لتوسيع رقعة الحرب ما يهدد السلم العالمي بأكمله، وأوضح رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد لدى استقباله ببغداد أمس الأحد، وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن العراق يرفض أن تكون أراضيه منطلقاً للعدوان على دول الجوار، كما يرفض أي انتهاك أو عدوان يستهدف مدنه وقراه، بينما أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، استمرار جهود العراق من أجل عدم اتساع الصراع وانزلاق المنطقة إلى حرب خطط لها الكيان الصهيوني.
وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية، تلقته "الصباح"، بأن رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، استقبل أمس الأحد في قصر بغداد، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية عباس عراقجي والوفد المرافق له، بحضور وزير الخارجية فؤاد حسين، والسفير الإيراني في العراق محمد كاظم الصادق. وجرى، خلال اللقاء، بحث العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات التي تشهدها المنطقة.
وأكد رئيس الجمهورية، بحسب البيان، على أهمية العلاقات التي تجمع البلدين، مشيراً إلى أهمية مواصلة العمل على تعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات استناداً على الروابط التاريخية والاجتماعية والدينية التي تجمع البلدين الجارين، وبما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الصديقين، ويعزز أمن واستقرار المنطقة.
وحول التطورات الأخيرة في المنطقة، أكد رئيس الجمهورية، ضرورة العمل الفوري لإنهاء اعتداءات الكيان الصهيوني على لبنان ووقف استهداف المدنيين، والعمل على إنهاء الحرب ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع محاولات توسيع الصراع في المنطقة.
وأوضح رشيد، أن استمرار الحرب في غزة ولبنان يهدد الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة والعالم، مؤكداً ضرورة التهدئة والحرص على حل الأزمات عبر الطرق الدبلوماسية، وتجنيب المنطقة خطر التصعيد، مشيراً إلى أن العراق يرفض أن تكون أراضيه منطلقاً للعدوان على دول الجوار، كما يرفض أي انتهاك أو عدوان يستهدف مدنه وقراه.
بدوره، استعرض وزير الخارجية الإيراني رؤية بلاده للأوضاع والتصعيد في المنطقة وحرصها على استمرار السلم والأمن الدوليين، مؤكداً أن العدوان على لبنان وغزة يعد خرقاً وانتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية.
لقاء رئيس الوزراء
إلى ذلك، ذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، تلقته "الصباح"، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل أمس الأحد، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية عباس عراقجي، حيث جرى البحث في مجمل العلاقات بين البلدين، وآخر التطورات الإقليمية والدولية.
وأضاف البيان، أن رئيس الوزراء أوضح خلال اللقاء، أن الأولويات التي تعمل عليها الحكومة الحالية، في ما يتعلق بأوضاع المنطقة، تتمثل في وقف العدوان الصهيوني على غزّة ولبنان، ومنع الكيان الغاصب من توسعة ساحة الصراع، إضافة إلى إسناد كلّ الجهود المبذولة في هذا المسار، وتأمين وصول موادّ الإغاثة والمساعدات الإنسانية لأهلنا في غزّة، وفي لبنان الشقيق.
وبيّن السوداني، أنّ العراق يبذل كل ما في وسعه لوقف إطلاق النار، بالتعاون مع الشركاء والأصدقاء الدوليين، خاصة من دول الاتحاد الأوروبي، مذكراً بأنّ الحكومة العراقية سبق أن حذّرت مراراً من مخططات الكيان نحو توسعة الحرب، وهو ما اتضح جلياً لجميع الأصدقاء وصار هدفاً عدوانياً مكشوفاً أمام المجتمع الدولي.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أن جهود العراق الساعية إلى منع انتشار الصراع تصبّ بالنهاية في صالح الأمن الوطني العراقي وأمن المنطقة كلها، وحفظ استقرار شعوبها.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الإيراني، عن تقديره للمواقف العراقية في تهدئة الأوضاع، فضلاً عمّا جرى تأمينه من مواد إغاثية للمنكوبين في غزّة ولبنان، مؤكداً أن زيارته تأتي من أجل المزيد من تنسيق الجهود والتشاور في مسارات الأوضاع، وأن بلاده تتفق مع المساعي العراقية لمنع اتساع الحرب.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وصل إلى بغداد صباح أمس الأحد، ضمن جولة إقليمية لإجراء مباحثات مع المسؤولين في البلاد بشأن أحداث وتطورات المنطقة.
مؤتمر الخارجية
واستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، نظيره وزير خارجية إيران عباس عراقجي في مبنى وزارة الخارجية ببغداد، وذكر بيان للوزارة تلقته "الصباح"، أن الجانبين عقدا خلال اللقاء جلسة مباحثات ثنائية تناولت سبل تعزيز العلاقات بين البلدين، إضافة إلى مناقشة التطورات الإقليمية والدولية. وتطرق اللقاء إلى تداعيات التصعيد العسكري في المنطقة، لا سيما في غزة ولبنان.
وفي مؤتمر صحفي مشترك، أوضح وزير الخارجية فؤاد حسين، أن المنطقة تمر بمرحلة حرجة وتواجه تحديات مصيرية، مشيراً إلى أن "عدوان الكيان الصهيوني على غزة مستمر، فيما امتدت الهجمات إلى لبنان، خاصة في بيروت وجنوب لبنان، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف نحو بيروت وشمال لبنان، بالإضافة إلى عبور بعضهم إلى سوريا، بينما وصل عدد من اللاجئين إلى الأراضي العراقية".
وأضاف حسين، أن "الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، بالتعاون مع الشعب العراقي، فتحت أبوابها لاستقبال اللاجئين اللبنانيين"، مؤكداً أن "هؤلاء اللاجئين يحلون ضيوفاً على العراق". وأشار إلى "حالة التضامن الشعبي الواسعة مع لبنان، حيث تم إرسال قوافل تبرعات عبر الحدود السورية لمساعدة اللاجئين الذين لجؤوا إلى سوريا".
وحذّر وزير الخارجية، من "مخاطر استمرار الحرب واتساع رقعتها في المنطقة"، مبيناً أن "التصعيد قد يؤدي إلى تهديد مباشر للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتهيئة الأجواء لهجمات محتملة ضدها". كما أكد أن "التهديدات الصهيونية تهدف إلى إدخال العراق في ساحة الصراع".
وأعرب حسين، عن "الرفض القاطع لاستغلال الأجواء العراقية كجزء من الفضاء العسكري"، مشيراً إلى أن "العراق يعمل بالتنسيق مع دول المنطقة على تجنب شبح الحرب". وأوضح أن "القرار العراقي بشأن الحرب والسلم يخضع حصرياً للسلطات الدستورية، وفق المادة 61 من الدستور، التي تمنح مجلس النواب صلاحية إعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين، بناءً على طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء".
كما أشار وزير الخارجية، إلى أن "استمرار الحرب في المنطقة سيزعزع الأمن الإقليمي ويمنح التنظيمات الإرهابية، مثل (داعش)، فرصة لإعادة تنظيم صفوفها وشنِّ هجمات جديدة، ما يشكل تهديداً للأمن والسلم في المنطقة"، وحذر من أن "نشوب الحرب سيؤثر في ممرات الملاحة الحيوية، مثل مضيق هرمز، مما قد يهدد استقرار سوق الطاقة العالمي ويتسبب في أزمة اقتصادية دولية".
وفي ختام كلمته، دعا فؤاد حسين، إلى "وقف الحرب فوراً وتحقيق هدنة تشمل غزة ولبنان، مع ضرورة تقديم الدعم اللازم للشعبين اللبناني والفلسطيني".
رؤية إيرانية
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن "إيران ضد التصعيد وتؤيد السلام في المنطقة"، وأضاف: "تواجه المنطقة تحديات خطيرة، وجئت إلى بغداد لمناقشة القضايا الحساسة مع الأصدقاء".
وأشار عراقجي، إلى أن "إيران تعمل على التنسيق مع شركائها الإقليميين لوقف إطلاق النار"، قائلاً: "اتفقنا على استمرار المشاورات ونسعى لتحقيق السلام".
كما أعرب الوزير الإيراني، عن "أسفه لعدم اهتمام المجتمع الدولي بأوضاع النازحين"، موضحاً أن "ما يحدث في لبنان مشابه لما نشهده في غزة"، لافتاً إلى أن "المساعدات لم تصل إلى المحتاجين بشكل كافٍ".
وقال عراقجي: إن "هناك احتمالية لحدوث تصعيد بالمنطقة وسببه الكيان الصهيوني، ويجب وقف العدوان الصهيوني على غزة ولبنان"، مؤكداً أن "الجمهورية الإسلامية لا تبحث عن تصعيد في المنطقة ونحن مستعدون للسلام".
وفي ختام تصريحه، شكر عراقجي، "الشعب العراقي والحكومة العراقية على استقبال النازحين وإيصال المساعدات"، قائلاً: "أنا سعيد بالموقف العراقي الحازم الذي يمنع استغلال الأجواء العراقية ضد إيران أو أي دولة أخرى".