زهير كاظم عبود
من بين أهم ما نص عليه الميثاق الدولي للأمم المتحدة ومقاصدها الأساسية حفظ السلام والامن الدوليين، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل والإنساني أن تتخذ الأمم المتحدة من الوسائل العديدة والتدابير الممكنة التي تمنع وقوع الاعمال العدوانية وتوقفها، وتمنع ممارسة الانتهاكات التي تقع على المدنيين، وتقوم بدورها الفعال في سبيل ايقاف اعمال العدوان والاخلال بالسلام الدولي بكل الوسائل والطرق المتاحة لها وفق القانون الدولي، لأن الاخلال بالسلم وممارسة الانتهاكات لا تمهد الطريق لإيجاد أوضاع ووسائل توفر ابعاد الخطر عن الحياة البشرية.
وتلزم الهيئة الدولية التي وضع المجتمع الدولي ثقته بها وراهن على قراراتها، أن تكون المرجع القانوني والإنساني، الذي يتصدى لإيقاف الحروب بين الدول، ويمنع الانتهاكات وتخريب البنى التحتية للمدن وتعريض المدنيين الآمنين إلى الخطر الجسيم، ونلاحظ أن ميثاق الأمم المتحدة نص في الفصل الأول على المقاصد الأساسية التي قامت عليها دعامات المنظمة الدولية، والتي نصت عليها في المادة 1 وهي :
1 - حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.
2 - إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام.
3 - تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.
4 - جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة.
إن منع النزاعات أو ايقافها على أقل تقدير يعد من الوسائل الفعالة في حماية البشر من الحروب والقتال، ولهذا فإن الدور المهم والفعال يكون من خلال استعمال الوسائل الدبلوماسية والمساعي الحميدة، إضافة إلى الوساطة بين الدول حرصا على منع توسع الاضرار بالحياة البشرية، وأن يتم الضغط والتوفيق لإيقاف نزيف الدم، وحماية البشر من تلك الآفة، التي تهدد البقاء والحياة وتنشر الخراب والموت.
وعام مضى على الحرب الدائرة بين دولة عضو في الأمم المتحدة تستعمل كل امكانياتها وآلتها الحربية ضد السكان المدنيين، وتستخدم في مواجهتها الطائرات والصواريخ والقنابل دون تمييز الأهداف، ويبلغ عدد من تم قتلهم في هذه المجزرة الإنسانية أكثر من ٥٠ الف ضحية ومئات الآلاف من الجرحى، بالإضافة إلى الخراب والتخريب وتهديم البنى التحتية والتهجير للسكان المدنيين، وتهجير السكان من بيوتهم ومدنهم، ولجوء كل تلك الكتل البشرية إلى العراء، دون أن تتحرك الدبلوماسية أو المنظمة الدولية لتتخذ قرارا بإيقاف هذا النزيف وتحفظ لما بقي من الناس أرواحهم ومستقبلهم.
وتتوجه القوة نفسها بقصف وترحيل كل أهالي جنوب لبنان من جميع المدن والقرى التي يقيمون فيها،، فإن كل المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال الذين ينامون في العراء ودون توفر الاحتياجات الإنسانية، بعد أن تم إخلاء بيوتهم وأماكن سكناهم بطريقة همجية وقاسية.
وتقوم أيضا بقصف مدمر وممنهج بصواريخ ثقيلة ومدمرة لأحياء سكنية وسط العاصمة بيروت، ولبنان عضو في المنظمة الدولية، إلا أن آلة الحرب لا تتوقف عند حدود معينة، وما يلفت الانتباه غياب الدبلوماسية والتدخل الإنساني والوساطات لإيقاف هذه الحرب، التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي.
وتتوسع دائرة الحرب التي تشنها دولة الاحتلال يوما بعد يوم، لأنها لم تواجه رادعا دوليا ولم تتحرك الدبلوماسية أيضا، ولا تكاتفت الدول التي ترفض هذه الحرب، ولم تتخذ أي إجراءات للحد من استمرارها بارتكاب الجرائم ضد المدنيين، وأن تسعى للحد من المعاناة الإنسانية للفلسطينيين ولشعب لبنان وتهديد بقية دول المنطقة.
إن الميثاق يضع على عاتق مجلس الأمن مسؤولية اتخاذ التدابير اللازمة لإجبار الدولة التي تقوم بشن الحرب، أن تلتزم بما يقرره مجلس الامن الدولي، وفي حال عدم التزامها وامتناعها عن الاستجابة للقرارات الدولية، تتخذ الإجراءات القانونية الرادعة لحفظ السلم والأمن الدولي، وحتى يمكن أن نؤمن بأننا نعيش في عصر تحكمه القوانين الدولية، ويتكاتف البشر من أجل تحقيق السلام الدولي والحياة والكرامة الإنسانية.