نبيل ابراهيم الزركوشي
يشهد العالم وبصورة تكاد تكون يوميَّة تطورات متلاحقة في مجال التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها غاية في تسهيل الأعمال بالمجالات الحياتية كافة، وتُخصص لها الدول مبالغ كبيرة من موازناتها كاستثمار في هذا المجال، أيضا لتسهيل سبل العيش وتقليل النفقات المالية والأعباء الاقتصادية التي قد تترتب على سياقات قديمة كان الفرد يزاولها من دون استخدم التقنيات الحديثة. ولعل التعليم إحدى أهم المجالات التي أُستخدِمت فيه التقنيات الحديثة وبجمع مراحلها ابتدأ من رياض الأطفال إلى المدرسة، ومن ثمَّ الجامعة وصولاً إلى الأبحاث والتجارب التي تقوم بها المراكز البحثيّة. وهذا لا يعني إلغاء دور المنهج أو المعلم، بل هو تعزيز لذلك. إذ لا يمكن للطالب التفرّد بالتعليم ما لم يكن هناك موجه "معلم" يقوم بتدريس المنهج ويتأكد من فهم الطالب لها عبر الاختبارات التحصيليّة والوسائل الأخرى التي يجب أن يكون المعلم قد تمَّ تدريبه عليها، كي يتمكّن من استخدامها بالطريقة الأمثل. وهناك أمر مهم في هذا المجال، إذ يُتيح التعليم الالكتروني فرصة لاستخدام الموارد المتاحة من برامج وتطبيقات خارج بناية المنظومة التربويّة، وهذا يوفر الجهد والمال وتتيح للمعلم والمتعلم فرصة التطوير الذاتي والاستكشاف الذي هو بحدِّ ذاتها سيضيف التشويق لعملية التعلم. وأن استخدام التكنولوجيا هي فرصة لشريحة كبيرة من الناس للتعليم والتعارف مع متعلمين آخرين من خلال التواصل معهم عبر تلك التكنولوجيا، مستفيدين من خبرات بعضهم البعض، ولا بأس بعمل مشاريع وبحوث مشتركة تسهم في تطوير المجتمع. إنَّ أول الأمور التي يجب البدء بها هو خلق القناعة لدى أركان العملية التربويّة بأهمية ادخال التكنولوجيا الحديثة واستخدام التطبيقات في التعليم مضافاً اليها سن القوانين والضوابط مما يسهم في اضفاء الصورة القانونيّة، لذلك لا تزال هناك أمور تتعارض معها الأنظمة والقوانين التربويّة السابقة، ولعلَّ أبسط مثال على ذلك الاختبارات الالكترونية والصفوف الافتراضية لإكمال المناهج المقررة وغيرها أن توفير البنى التحتيّة للمدارس بات أمراً لا مناص منه، مضافاً إلى ذلك تدريب جميع الكوادر التربويّة على كيفية استخدام التكنولوجيا في التعليم وكيفية إدارة الصفوف والمدرسة الكترونيا. من هنا يجب أن تأخذ الحكومة على عاتقها هذا الأمر وهي جادة في ذلك عندما اعتمدت على مجموعة من البرامج في وزارة التربية والتي تستخدم التكنولوجيا الحديثة والبرامج والتطبيقات في التدريس لبعض المقررات الدراسية، وتتدرّب عليها مجموعة كبيرة من الملاكات التربوية، وهو أمر مهم وبداية يجب ألا تتوقف مع توفر لجان للمتابعة والتقييم لأثر تلك البرامج على البيئة المدرسيّة العراقيّة. إذا ما عرفنا أنّ هناك تنوعا كبيرا في ذلك، وأن يتزامن ذلك مع بناء المناهج التربوية للمراحل كافة، مما يتيح تدريسها الكترونيا. ولعل استخدام التعليم المدمج والذي يشرك نوعين من التعليم "الحضوري والالكتروني" فيه هي أفضل الحلول في الفترة الحالية. إنَّ اللحاق بالركب التكنولوجي يجب أن يكون بصورة أسرع وأشمل كي تحقق الأهداف المرسومة له ضمن البرنامج الحكومي خلال الفترة المحددة لذلك.