رؤساء وقادة دول يتشابهون في الزي الرسمي
علي غني
يتساءل العديد من الناس، لماذا يفضل الرؤساء اختيار ألوان معينة في استقبال نظرائهم، في حين يفضلون ألواناً أخرى في اجتماعات الحكومة الداخلية، لكننا رأينا اللون الأزرق هو الشائع في لباس الرؤساء، فمن هو أكثر الرؤساء أناقة، وماذا قال بعض المختصين وأساتذة علم النفس عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وعن الرئيس بوتين والرئيس الإيراني وغيرهم.
اختيارات الرئيس
ربما يعود اختيار الموضوع من زاوية تجمع بين الفضول والذائقة، وهل للألوان تأثير في اتخاذ القرارات الخاصة بالحكومات، أم أنها ديكور تختفي خلفه صفات الرئيس أو الملك القائد، أم تمثل تراثاً للشعوب كافة وهي محاولة أخذنا فيها رؤية تقريبية تتعلق بشخصية الرئيس، أو الملك واختياراته لنوع اللباس الذي يمكن أن يظهر به أمام شاشات التلفاز ليراه شعبه والعالم، وقد اصطحبت في هذا (الريبورتاج) بعض الفنانين والمثقفين والتشكيليين، والحق يقال، إني لم أتحدث مع مقربين في الحكومة عن كيفية اختيار رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني للألوان، ولا حتى مع مقربين لرئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، وربما بعد قراءة الموضوع يتوسع بنحو كبير، إذا أراد المقربون من دائرة القرار في الحكومة.
تفكير شمولي
الأستاذة الدكتورة إيمان حسن جعدان، التدريسية في كلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانية بجامعة بغداد، تصدت للموضوع من وجهة نظر اجتماعية ونفسية، فقالت لي: طرحك لهذا السؤال ذكرني بالعالم ديبونو ضمن الاستراتيجيات التي طرحها، وأطلق عليها القبعات الست، منها اللون الأزرق الذي هو لون ذهني صاحب القبعة الزرقاء، يتصف بأعلى مراتب التفكير والنجاح والإيجابية في حياته، ويكون تفكيره شمولياً، ونستطيع القول بأن الذي يرتدي بدلة زرقاء يكون ذا شخصية قوية وصاحب تفكير شمولي يتحلى بالطمأنينة والاتزان والحنكة والإيجابية والثقة بالنفس، وجدياً في التعامل والتعاطف مع مشاعر الآخرين، أما بالنسبة لاختيار الملابس فليس عفوياً، بل إنه مقصود من خلال مساعدة أحد مستشاريه، إن ملابس الرئيس أو أي شخص تؤثر بالمحيطين به وتسهم بخلق انطباع جيد أو سلبي من خلال التواصل بينه وبين المجتمع، وتعكس هويه الفرد، أي إنه يود ايصال رسالة للجمهور، فمثلاً ظهور الرئيس بالزي العسكري يعني أنه شخص بطل قوي وشجاع، وبجرأة كبيرة اعترفت لي، أما بالنسبة لأكثر الرؤساء أناقة بحسب رأيي فهو فلاديمير بوتين.
وأضافت: بصورة عامة الألوان تؤثر في الحالة النفسية للفرد، وهذا ما أكدته بعض الدراسات النفسية، إذ تشير الأبحاث والدراسات إلى أن الألوان تبدأ بالتأثير في الشخصية لفترة قصيرة لكن عند التعرض المتكرر للون نفسه من الممكن أن يتغير الشعور الذي ينتج عنه.
ثقافة البلد
بينما يرى الدكتور مهند الشاوي الكاتب والفنان والتربوي، وهو باحث متعدد الاتجاهات: أن الأزياء تتميز عموماً باختلافها من بلد لآخر، فضلاً عن اختلافها من منطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد، وذلك لتأثير البيئة وثقافتها المتاحة أو المتراكمة سلوكياً، ولأجل هذا ينسحب ذلك التأثير على لباس أو زي رؤساء البلدان بما يمثل أو يعكس ثقافة ذلك البلد بيئياً وثقافياً باعتباره هوية مسجلة، وهو
أمر طبيعي جداً.
وتابع الشاوي: تعد الأزياء مرآة تعكس ثقافة الشعوب وتراثها المتجذر عبر العصور، وتتأثر هذه الأزياء بعوامل عديدة مثل البيئة الجغرافية، والمناخ، والموروثات الثقافية "العادات والتقاليد" التي تنتقل من جيل إلى آخر، وهذه العوامل تؤدي إلى تنوع كبير في الأزياء بين البلدان وحتى داخل البلد الواحد. حيث يمكن أن نجد اختلافات ملحوظة بين أزياء المناطق الريفية والمناطق الحضرية، وهذا التنوع لا يقتصر فقط على اللباس الشعبي أو التقليدي، بل يمتد ليشمل أزياء رؤساء الدول وقادة الشعوب.
ونوه بأن ظهور القادة بملابس تعكس ثقافة بلدانهم يعكس فخرهم واعتزازهم بهويتهم الوطنية، كما أن هذه الأزياء تعكس مدى التزامهم بالموروث الثقافي وتواصلهم مع شعبهم. فهي تبرز الهوية الوطنية وتؤكد خصوصية الثقافة المحلية.
على سبيل المثال، نرى أن بعض الرؤساء يفضلون ارتداء الأزياء التقليدية في المناسبات الرسمية أو عند استقبال الوفود الأجنبية، وذلك لإبراز هوية بلادهم وتمييزها عن الثقافات الأخرى، إن هذا الاختيار يسهم في تعزيز الفخر الوطني وإظهار التنوع الثقافي الذي يميز كل دولة عن الأخرى.
أدوات دبلوماسيَّة
إن ارتداء الزعماء لأزياء تعكس ثقافة بلادهم (والكلام للشاوي)، هو أمر طبيعي جدًا، ويعكس التأثير العميق للبيئة والثقافة في سلوكيات الأفراد، بما في ذلك القادة، وفي المجتمعات التي تعتز بتراثها والتي تعده جزءًا لا يتجزأ من هويتها يصبح ارتداء الأزياء التقليدية من قبل القادة وسيلة للتواصل مع الشعب وتأكيداً للقيم الوطنية والانتماء.
وباختصار يمكن القول إن الأزياء ليست مجرد قطع من القماش، بل هي لغة بصرية تعبر عن هوية الشعوب، وفي السياقات الدبلوماسية، قد تساعد هذه الأزياء في خلق جو من الاحترام المتبادل والتقدير للتنوع الثقافي، ما يسهم في تعزيز علاقات دولية قائمة على الفهم والتقدير والاحترام المتبادل، لذا يمكن القول بأن الأزياء ليست مجرد رموز ثقافية، بل هي أيضًا أدوات دبلوماسية تعبر عن الهوية الوطنية وتسهم في تشكيل العلاقات الدولية.
الجديَّة والأناقة
ويقودنا الباحث والتشكيلي، المدرس المساعد سرمد صبار عبد، في بحثه الموسوم (الصفات اللونية في لباس الملوك والرؤساء) إلى تفاصيل ربما تذكر لأول مرة عن اختيار القادة للألوان المؤثرة، وأوقات ارتدائها، ومدى تأثيرها فهو لأول مرة يكشف عن الألوان المفضلة لدى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إذ يقول: تتميز بدلة رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، بسمات عدة تعكس الطابع الرسمي والتقليدي الذي يتماشى مع ثقافة العراق ومكانته كقائد سياسي. يرتدي السوداني بدلات رسمية تعكس الجدية والأناقة المطلوبة في منصبه. وتتكون البدلة عادة من قطعتين أو ثلاث قطع مع سترة وسروال متناسقين. يميل السوداني إلى ارتداء بدلات بألوان داكنة مثل الأسود، والأزرق الداكن، أو الرمادي. هذه الألوان تعكس الرسمية والهيبة، وتتناسب مع الاجتماعات الرسمية والمناسبات الوطنية. يتميز تصميم البدلة بالكلاسيكية، مع قصات تقليدية تعكس الذوق المحافظ والمتزن، مما يتماشى مع التقاليد السياسية العراقية.
وغالباً ما تكون البدلة بسيطة في تفاصيلها، بدون زخارف زائدة، ما يعكس شخصية السوداني التي تميل إلى العملية والتركيز على المضمون بدلاً من المظهر الخارجي. يرتدي السوداني عادة ربطة عنق تتماشى مع لون البدلة، وغالباً ما تكون بألوان تقليدية مثل الأحمر أو الأزرق، تضيف لمسة من الرسمية والفخامة إلى المظهر العام.
التقاليد الروسيَّة
وجذبني رأيه، فاستدرجته إلى أن يصف لي بعض الرؤساء والملوك، الرجل رحب بالفكرة، وقلت لنبدأ بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقال: أما الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" فهو يرتدي عادة بدلات رسمية داكنة اللون، غالبًا باللون الأسود أو الأزرق الداكن، مع قميص أبيض وربطة عنق. وهذا الزي يعكس الجدية والمظهر الرسمي المطلوب في المناسبات الدبلوماسية والاجتماعات الدولية و يتميز أسلوب البدلة بالقصات الكلاسيكية التي تتماشى مع التقاليد الروسية، مع الحفاظ على مظهر أنيق ومحافظ. البدلة تكون مفصلة بشكل جيد لتعكس الانضباط والهيبة فضلاً عن أن استخدام الألوان الداكنة يعكس الرسمية والثقل الدبلوماسي، وهو شائع في ملابس القادة الروس، وربطة العنق غالباً ما تكون ذات ألوان تقليدية كالأحمر الداكن أو الأزرق، وتسهم في إضافة لمسة من الفخامة إلى المظهر العام، هذه السمات تعكس الهوية الروسية وتجسد المظهر الذي يسعى الرئيس الروسي لتقديمه في الساحة الدولية، وهو مظهر يجمع بين الرسمية،
والقوة، والاحترام.
غير مألوف
وتابع: أما في ما يخص الرئيس الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" والكلام للباحث سرمد صبار، فهو يرتدي غالبًا زياً عسكريًا أو بدلات سوداء بسيطة،، إلا أن تسريحة شعره غير التقليدية تلفت الانتباه دائماً، ما يجعل مظهره العام غير مألوف بالنسبة للزعماء. وهو عادة ما يرتدي ألواناً داكنة، إلا أنه ظهر في بعض المناسبات بزي عسكري مزين بألوان غير تقليدية مثل الأخضر الزيتي والأبيض، ما أضفى مظهراً مختلفاً عن المعتاد. وغالبًا ما يظهر في بدلات سوداء أو رمادية داكنة تغطي كامل الجسم، سواء في المناسبات الرسمية أو العامة. هذا اللون الداكن أصبح مرتبطًا بمظهره العام كجزء من أسلوبه الرسمي والمهيب. بدلة كيم جونغ أون تختلف عن البدلات الغربية التقليدية، لا يرتدي كيم جونغ أون ربطة عنق، مما يميز أسلوبه ويعكس انفصال كوريا الشمالية عن التأثيرات الغربية. إذ يعتمد في غالب الأحيان على الزي التقليدي الكوري الشمالي المعروف باسم "البدلة الماوية" أو "البدلة الزرقاء". هذه البدلة تتميز بتصميم يغطي الجسم بالكامل مع ياقة عالية وأزرار أمامية ممتدة حتى الأعلى، ما يعكس الطابع العسكري والانضباط.