غرسة دماغيَّة تتحكم بالأجهزة الرقميَّة عبر الأفكار

علوم وتكنلوجيا 2024/10/30
...

 إميلي مولين
 ترجمة: شيماء ميران

يستخدم مارك (64 عامًا)، المصاب بالتصلب الجانبي الضموري (ALS) صوته في امازون اليسكا (وهو مساعد ذكي طورته امازون للتحكم في مجموعة متنوعة من أجهزة المنزل الذكيَّة ـ المترجمة). ولكنْ اليوم وبفضل غرسة دماغيَّة، يمكنه التحكم في المساعد الافتراضي بعقله أيضاً.
إنَّ داء (ALS) يؤثر في الخلايا العصبيَّة في الدماغ والحبل الشوكي مع مرور الوقت يتسبب بفقدان السيطرة على العضلات، لذلك نرى أنَّ قدرة "مارك" على الحركة محدودة. يمكنه المشي والتحدث لكنَّه لا يستطيع استخدام ذراعيه ويديه. وفي العام الماضي، حصل "مارك" بعد تجربة علاجيَّة على واجهة دماغ وحاسوب تعرف بـ(BCI) من صنع شركة (Synchron).
تعمل شركة (Synchron) على تطوير واجهة كومبيوتر دماغي يفك تشفير إشارات الدماغ، ما يساعد المصابين بالشلل على التحكم بالأجهزة الرقميَّة عبر أفكارهم فقط. وأعلنت الشركة مؤخراً أنَّه أصبح بالإمكان استخدام هذا الكومبيوتر مع أليسكا من دون الحاجة الى الصوت أو تفاعلٍ بدنيٍ مع شاشة تعمل باللمس. وتوضح الشركة أنَّ "مارك" هو أول من يستخدم هذه التقنيَّة.
يقول "توماس أوكسلي" الرئيس التنفيذي لشركة (Synchron): "يفقد المصابون بالشلل حريتهم في التعبير، لذلك تسعى الشركة لإعادة بعضٍ من هذه الحريَّة من خلال دمج نظام واجهة الدماغ والحاسوب الخاص بها مع تكنولوجيا المستخدم".
وقد زرعت الشركة واجهة الدماغ والحاسوب الخاصة بها في ستة أشخاص في أميركا وأربعة في أستراليا كجزءٍ من دراسات في مرحلة مبكرة وتستعد لبدء تجربتها مع المزيد من المشاركين.
يمكن لـ "مارك" بفعل هذه الزرعة تشغيل هاتف iPhone وiPad وجهاز كومبيوتر بأفكاره وتصفح الإنترنت أو كتابة رسائل البريد الإلكتروني. وبفضل التكامل مع أمازون، يستطيع التحكم في أليكسا باستخدام جهاز "فاير" اللوحي لتشغيل وإطفاء الأضواء في منزله، ومشاهدة التلفزيون، وإجراء مكالمات الفيديو، وتشغيل الموسيقى، والتحكم في كاميرا الأمان، وقراءة الكتب على متجر كيندل الالكتروني.
يقول مارك: "من المثير والمريح للغاية أنْ أحافظَ على استقلاليتي. قد تكون بعض الأيام أكثر تحدياً، لا سيما اعتماداً على شعوري، لكنَّ تصميم جهاز أمازون اللوحي يجعل التفاعل مع المهام التي احتاج إليها سهل جداً".
كما قامت "Synchron" بربط (BCI) الخاص بمارك بـ(ChatGPT) الذكاء الاصطناعي
و(أبل فيجن برو)، وهي سماعة رأس لدمج الواقع. تتطلب النسخة التي تم إصدارها مطلع العام الحالي إيماءات اليد لإجراء اختيارات العناصر. بعد دمج Synchron، يمكن لمارك استخدام أفكاره للتحكم في المؤشر على الفيجن برو للعب لعبة السوليتر ومشاهدة (ابل تي في) وإرسال رسائل نصيَّة. الى جانب مارك.

إجراء جراحي طفيف
يتمُّ إدخال الشريحة بإجراء جراحي طفيف في الوريد الوداجي عند قاعدة العنق، بدلاً من زرعها مباشرة في الدماغ، إذ يدفع الجراح الشريحة عبر الوريد حتى تستقر على القشرة الحركيَّة، وهي المنطقة التي تتحكم في الحركة الطوعيَّة. وبمجرد زرعها، تم تصميمها للكشف عن نوايا الحركة ونقلها لاسلكياً خارج الدماغ حتى يتمكن المرضى المشلولون من التحكم بالأجهزة الشخصيَّة بدون استخدام اليدين.

استقلاليَّة المستخدم
مع أنَّ المساعدين الافتراضيين مفيدون لذوي الإعاقة، لكنهم لا يوفرون الخصوصيَّة دائماً؛ لأنهم يعتمدون على الأوامر الصوتيَّة. تقول "إميلي جرازيك"، أستاذة الهندسة الطبيَّة الحيويَّة في جامعة كيس ويسترن ريزيرف: "إنَّ استعادة أي قدرٍ من الاستقلال أمرٌ مهمٌ للناس، ولكن استعادة الاستخدام الخاص المستقل أفضل".
وتعتقد أنَّ نهج "Synchron" قد يساعد في إعطاء شعورٍ طبيعيٍ لذوي الحركة المحدودة؛ لأنه يعني قدرتهم على استخدام ذات الأجهزة التي تستخدمها أسرهم وأصدقاؤهم، بدلاً من الأجهزة المساعدة الخاصة.
"إيان بوركهارت" المصاب بالشلل الرباعي والمشارك في تجربة BCI لشركة مختلفة، يرى أن جهود Synchron ايجابيَّة بالنسبة للمرضى طالما ان الأجهزة متكاملة بسلاسة ويمكن لمستخدميها التفاعل معها بطريقة عمليَّة في حياتهم اليوميَّة.
ويقول: "من المثير للاهتمام، اني أرى مستقبل BCI على انه مجرد أنبوب يمكن أن يسمح بتدفق البيانات من الدماغ للتحكم في أي شيء يمكنك التحكم فيه باستخدام الكومبيوتر".
يوضح "أوكسلي" أنَّ الشركة تعمل على المزيد من الميزات، وتتحدث إلى شركات تقنيَّة كبيرة أخرى حول المزيد من التكاملات، والأمر الأكثر شيوعاً هو رغبة المرضى المشلولين على أنْ تكون لديهم القدرة على القيام بعدة المهام.
يأمل مارك أنْ تساعده واجهة الدماغ والحاسوب الخاصة به على أداء مهام أكثر تعقيداً، في مقدمتها رغبته بالعودة الى ممارسة الرسم.

عن موقع wired