مفاهيم في علم النفس و الطب النفسي (1)

منصة 2024/10/31
...




من متابعتنا الإعلاميَّة (صحافة، إذاعة، تلفزيون) لاحظنا أنَّ كثيرين لا يفرّقون بين مفاهيم شائعة في علم النفس والطب النفسي، بل إنَّ عدداً من طلبة أقسام علم النفس لديهم المشكلة ذاتها.



وبهدف إشاعة الثقافة النفسيَّة عبر أوسع جرائدنا انتشاراً، سنبدأ بتحديد المعاني العلميَّة لأهم المفاهيم والمصطلحات النفسيَّة.. وكالآتي:


1 - العُصاب (Neurosis)

ويعني سلوكاً حياتياً يعوزه التكيف، ويتصف بالقلق، والانهزاميَّة دفاعاً عن الذات. ومن خصائصه: اللاواقعيَّة في تقييم المحيط، وتجنب مواجهة الضغوط والمشكلات وإيجاد حلولٍ لها، والميل الى الاستمرار في هذا السلوك بالرغم من طبيعته غير المتكيفة والمفضية الى إفشال الذات.

ويعني العصاب في التصانيف النفسيَّة الحديثة مجموعة كبيرة من الاضطرابات غير الذهانيَّة تتصفُ بقلقٍ غير واقعي ومشكلات مصاحبة. وقد استبدل النظام التشخيصي لجمعيَّة الطب النفسي الأميركيَّة (DSM) مصطلح العصاب، بمصطلح "اضطرابات القلق" التي تشمل: اضطرابات الفزع، والرهاب، والوسواس - القهري، واضطراب ما بعد الضغوط الصدميَّة، والقلق العام.

بينما وضعها تصنيف منظمة الصحة العالميَّة (WHO) في مجموعة كبيرة تحت عنوان (الاضطرابات العصابيَّة ذات العلاقة بالضغوط والاضطرابات النفسيَّة الجسميَّة)، تشمل: اضرابات قلق الفزع، والقلق العام، والقلق المصحوب بالكآبة والوسواس القهري، واضطرابات سوء التوافق وتلك الناتجة عن الضغوط الحادة، واضطراب ما بعد الشدة، واضطرابات التفكك أو الانشطار.

2 - الذهان (Psychosis)

اضطرابٌ عقليٌّ حادٌ، يُفْقِدُ الفردَ صلته بالواقع، مثل اضطراب الفصام "الشيزوفرينيا"، والفرق الرئيس بين هذين المفهومين هو أنَّ إدراك الذهاني للواقع الذي يعيش فيه يكون مشوهاً بدرجة كبيرة، وقد يفقد اتصاله بالواقع. أما العصابي فإنَّه يبقى على اتصالٍ بالواقع، على الرغم من أنَّه يشعر بالضعف، والعجز وسوء التوافق مع نفسه ومع الآخرين. فضلاً عن أنَّ الذهاني يكون تفكيره مضطرباً، وسلوكه غريباً أو شاذاً، وعلاقاته الاجتماعيَّة تكاد تكون مفقودة تماماً.

3 - الاضطراب (Disorder)

كان الشائع هو استعمال مصطلح "المرض النفسي أو العقلي" وتعني في اللغة الإنكليزيَّة (Disease) أو (Illness). ولأنَّ هاتين المفردتين مصطلحان طبيان يصفان حالة الفرد عندما يصاب عضو من جسمه بمرض، سببه جرثومة يمكن تشخيصها، ولأنَّ الحالات النفسيَّة والسلوكيَّة والعقليَّة غير السويَّة لا تكون ناتجة عن جرثومة محددة، فإنَّ علماءَ النفس اتفقوا على تداول مصطلح "اضطراب" لوصف ما كان يصطلح عليه بـ"المرض النفسي"، فضلاً عن أنَّ وقع "اضطراب" على الشخص المراجع، أخفُّ نفسياً من وقع "مرض". فقولنا "مضطرب نفسياً" أخف كثيراً من قولنا "مريض نفسياً".

ويختلف مفهوم الاضطراب النفسي من ثقافة الى أخرى، فغالباً ما تقتصر الاضطرابات النفسيَّة على مجموعة الاضطرابات النفسيَّة الشديدة مثل الفصام والهوس. غير أنَّ المشكلات النفسيَّة الأكثر شيوعاً في مجال الرعاية الصحيَّة العامَّة أو المحليَّة هي الاضطرابات النفسيَّة العاديَّة (الاكتئاب والقلق)، والمشكلات المتعلقة بإدمان الكحول والمخدرات. ونادراً ما ينظر الى هذه الاضطرابات على أنَّها اضطرابات نفسيَّة.

وغالباً ما ترتبط التفسيرات التقليديَّة للاضطرابات (الأمراض) النفسيَّة بأسبابٍ "روحيَّة" أو خارقة للطبيعة، مثل الأرواح الشريرة أو السحر. لذلك لا بُدَّ أنْ نطَّلعَ على المعتقدات السائدة في ثقافتنا. ففي العراق مثلاً هنالك اعتقادٌ شائعٌ بأنَّ الإمام العباس عليه السلام يشفي حتى الحالات التي تعدُّ فصام (شيزوفرنيا) بمفهوم الطب النفسي. ومع ذلك ينبغي أنْ نطلع على النظريات الطبيَّة، وأنْ نستعملها في تفسير الاضطراب النفسي الذي يعاني منه الأشخاص الذين يستشيروننا، وأنْ تكون حاضرة عندنا أهم أسبابه من قبيل: أحداث حياتيَّة ضاغطة، مشكلات أسريَّة لا سيما تلك التي يكون فيها العراك افتتاحيَّة الصباح وختام المساء.