روديلون بوتول
ترجمة: شيماء ميران
في عالم سريع التطور، غالباً ما نتخذ إجراءات وقائيَّة حديثة، مثل استخدام المنظفات. ومع ذلك، فإن الاكتشاف الحديث يخلخل هذه الثقة، إذ أظهرت مسببات الأمراض الشائعة مستوى مفاجئاً من المقاومة للمنظفات المنزليَّة والمستخدمة في المستشفيات.
إذ اكتشف مجموعة علماء في الكيمياء من "جامعة إيموري" في دراسة حديثة، القدرة القويَّة لمسببات الأمراض البكتيريَّة على الصمود أمام
المنظفات.
تتمحور المخاوف حول مسببات الأمراض المنتشرة في كل مكانٍ والتي تسمى (Pseudomonas aeruginosa) "الزائفة الزنجاريَّة"، التي تقاوم العديدَ من المضادات الحيويَّة الموجودة عادة في المستشفيات.
ويشير الباحثون إلى أنَّ "(الزائفة الزنجاريَّة) هي مسببات أمراض رئيسة تنتقل إلى المستشفيات وتستمر في البيئات الصحيَّة رغم عمليات التعقيم والتطهير الصارمة؛ لأنَّ آليَّة عملها هي التي تمنح هذه المقاومة".
الخطير بالأمر أنَّ هذه المسببات تثير القلقَ تجاه المكونات الرئيسة الفعالة في المنظفات المنزليَّة ومنتجات التعقيم في المستشفيات.
التعقيم الأكثر أماناً
لقد حدَّدَ فريقُ البحث بعض المبيدات الحيويَّة الفعالة ضد بكتيريا "الزائفة الزنجاريَّة"، وسلط البحث الضوء على السبب الذي يجعل هذه المبيدات مختلفة عن المعقمات المستخدمة
اليوم.
ربما الجانب المشرق هو مركبٌ جديدٌ طوَّره الفريق في جامعة "إيموري" بالتعاون مع جامعة "فيلانوفا". ويأمل البروفيسور "ويليام ويست"، مؤلف الدراسة، أنْ تقومَ هذه النتائج بتوجيه المستشفيات لإعادة النظر في بروتوكولات الصرف الصحي لغرف المرضى ومرافق المستشفى، ما يساعد على الفهم الجديد لمقاومة البكتيريا في تصميم منتجات مطهرة
مستقبليَّة.
مقاومة مسببات الأمراض للمعقمات
يؤكد "كريستيان سانشيز" و"جيرمان فارغاس-كويباس"، مؤلفا الدراسة، أنَّ مقاومة مسببات الأمراض لعوامل التنظيف غالباً ما يكون مجهولاً، وأشارت الدراسة إلى "الزيادة العالميَّة في مسببات الأمراض المقاومة للمضادات
الحيويَّة".
يقول "ويست": "هناك عددٌ قليلٌ من المواد المعقمة عالية الجودة التي كانت من الأساسيات لمدة مئة عامٍ تقريباً، ومتوفرة في أولويات معظم المنازل والمستشفيات".
لم يتم بذل الكثير من الجهود لتعديل تركيبتها لأنها تعمل منذ فترة طويلة بشكلٍ جيد ضد العديد من البكتيريا والفيروسات والعفن والفطريات الشائعة، فضلا عن كونها بسيطة للغاية ورخيصة الثمن".
العدوى المقاومة للمضادات
مع حدوث أكثر من ثلاثة ملايين حالة عدوى مقاومة للمضادات الحيويَّة سنوياً في أميركا، وأكثر من 35000 حالة وفاة، فلا يمكن أنْ يكون الأمر ضرورياً للغاية.
تسلط مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الضوءَ على أنَّ "الزائفة الزنجاريَّة" المسببة لأمراض مقاومة الأدوية المتعددة،
هي ذاتها التي زادت من العدوى خلال جائحة (كوفيد – 19) وتستمر في البقاء فوق مستويات ما قبل الجائحة.
عالمياً، تعدُّ "الزائفة الزنجاريَّة" هي المسؤولة عن أكثر من نصف مليون حالة وفاة سنوياً، وحددتها منظمة الصحة العالميَّة تهديداً ذا أولويَّة قصوى.
منظفات جديدة ضد البكتيريا
لقد وجد فريق البحث أنَّ مركباً جديداً من "الفوسفونيوم الرباعي" (QPC)، الذي طوره مختبرا Wuest وMinbiole، كان فعالاً جداً في تحييد جميع السلالات العشرين من "الزائفة الزنجاريَّة" المقاومة، والأكثر إثارة للاهتمام طريقة عمل المركب، إذ إنَّه ينتشر عبر الغشاء الخارجي ويستهدف الغشاء الداخلي بشكلٍ انتقائي، بدلاً من مهاجمة الأغشية الخلويَّة للبكتيريا، كما تفعل المبيدات الحيويَّة التقليديَّة.
وبينما لا يعرف فريق البحث سبب فعاليَّة هذه الطريقة، لكنهم يأملون أنْ يؤدي هذا الاكتشاف إلى صناعة مبيداتٍ حيويَّة جديدة وبروتوكولات تنظيف أكثر فاعليَّة في المستشفيات وغيرها.
يقول "ويست": إنَّ "عملنا يمهد الطريق للابتكارات التي تشتد الحاجة إليها في مجال ابحاث المطهرات".
تداعيات خطيرة على البيئة
إنَّ اكتشاف مقاومة مسببات الأمراض للمنظفات التقليديَّة يثير أسئلة مهمة جداً حول معايير النظافة، خصوصاً في البيئات عالية الخطورة مثل المستشفيات والمدارس ومرافق رعاية المسنين.
بينما تركز ممارسات التنظيف المنزليَّة العامَّة على الحفاظ على بيئة خالية من الجراثيم، فإنَّ المناطق المكتظة تتطلب مستوى أعمق من الصرف الصحي لمنع انتشار العدوى. يقترح فريق البحث أنَّ أنظمة التنظيف الشائعة لم تعد مجدية، ما يسلط الضوء على الحاجة الى مبيدات حيويَّة متخصصة. تركز الابحاث المستقبليَّة على تطوير حلول التنظيف جنباً إلى جنب مع التهديدات الميكروبيَّة. ويمكن للنتائج التي توصلت إليها جامعة "إيموري" أنْ تلهمَ معايير تنظيميَّة جديدة في صناعات الرعاية الصحيَّة والنظافة، بغية الحدّ من الانتشار الصامت لمسببات الأمراض من خلال استراتيجيات تنظيف أكثر فاعليَّة.
عن earth.com