محمد شريف أبو ميسم
بات اهتمام الحكومة الحالية بالقطاع المصرفي لافتاً إلى حد يمكن أن يقال فيه إن الحكومة تتولى فعليا "برنامج الشمول المالي، الذي يستهدف القائمون عليه ايصال الخدمات إلى عموم مناطق البلاد وشمول جميع الفئات المجتمعية والعمرية بهذه الخدمات بهدف تشجيع كل المواطنين على فتح حسابات مصرفية، ومن ثم سحب الكتلة النقدية المكتنزة عند الجمهور والتي يقدرها البنك المركزي بنحو 70 بالمئة من النقد الصادر، وتدويرها في فعاليات الساحة المصرفية، بهدف رفع نسب الائتمان والمساهمة في صنع تنمية حقيقية .
وعلى هذا الأساس جاء بيان مكتب رئيس الوزراء في هذا الشأن مؤخراً، والذي أشار إلى بعض التحديات التي تواجه جهود إصلاح النظام المالي والمصرفي، بوصفه أحد أولويات البرنامج الحكومي، فيما حدد البيان عدداً من الخطوات بهدف مواجهة هذه التحديات وضمان تعزيز الثقة في القطاعين المالي والمصرفي، وتسهيل عملية التنمية الاقتصادية، ورفع مؤشرات الشمول المالي .
بيد أن التقاطع الواضح بين التوجه الحكومي وبرنامج اعادة الهيكلة المصرفية، يؤشر عدداً من الملاحظات التي لها علاقة مباشرة بهذه الخطوات، من قبيل التناقض بين ما ورد في محتوى هذه الخطوات الحكومية، مع إجراءات المصارف بشأن إعادة الهيكلة، إذ خطت بعض المصارف الحكومية خطوات كبيرة في موضوع الهيكلة الذي اقتصر، على ما يبدو، على عمليات دمج أعداد كبيرة من فروع المصارف الحكومية العاملة، التي شملت فروعاً في أطراف مراكز المحافظات وفي أوسطها، ما قوض مساحة الخدمة التي تعمل بها هذه المصارف، وهذا يتقاطع تماما مع برنامج الشمول المالي، الذي حدد البيان إحدى أدواته عبر "توفير خدمات مصرفية لفئات المجتمع المختلفة، وتشمل الأقضية والنواحي في القرى والأرياف".
لم تؤشر الخطوات الواردة في البيان، وهي بصدد تكثيف الجهود، إلى مسألة الشروط الذي حددت من قبل بشأن رفع معدلات رساميل المصارف إلى نحو 450 مليار دينار مع نهاية كانون الأول 2024، والتي ألزمت جميع المصارف الأهلية والحكومية بهذا الشأن، وبخلافه يتم دمج هذه المصارف أو تصفيتها، اذا علمنا ان بعض المصارف الحكومية التي تم دمج العديد من فروعها ما زالت لها أعداد كبيرة من الفروع، وما زالت هذه الفروع تقدم خدماتها اليومية لأعداد كبيرة من الجمهور، فيما هي معرضة للدمج أو التصفية، حتى أن بعض الادارات غير قادرة على اتخاذ بعض القرارات التي تخص تطوير الخدمات، لأنها تدرك ان مصير مصارفها سينتهي بالدمج أو التصفية، وهذا ما يجعل التقاطع واضحا في التوجه الحكومي بشأن تطوير أداء المصارف وتوسيع رقعة الخدمات مع برنامج الهيكلة الذي تطبقة الجهات ذات العلاقة.