العراق يشارك في مؤتمر {الموهبة والإبداع} في دبي

منصة 2024/11/14
...

في (11 – 13) تشرين الثاني الحالي، عقد في دبي مؤتمرٌ بعنوان "الموهبة والإبداع" حضره علماء وأكاديميون عربٌ وأجانب، إذ يسعى المؤتمر لمناقشة القضايا ذات الصلة بشكل مباشر بالموهبة والإبداع، والدراسات والأبحاث ذات العلاقة بالموهبة والإبداع، إذ إنَّ معظم دول العالم وجميع المؤسسات التعليميَّة تعمل على تعزيز الموهبة لدى الطلبة، كون ذلك سيعود حتماً على مستوى تقدم المجتمع ورقي ثقافته وتطور إنتاجه وبالتالي المنافسة النوعية للمجتمعات ومواكبة التوجهات المحفزة للإبداع والتفوق.

وقد عملت كثير من المؤسسات التعليمية على الاهتمام بنشر ثقافة الابداع والمنافسات الإبداعية وتكريم المبدعين، ووضع البرامج والآليات التي تساعد على اكتشاف الموهبة والإبداع.

وقد شاركنا بورقة بعنوان (نحو تنظيرٍ جديدٍ للإبداع في العالم العربي)، أوضحنا فيها أنَّ الإبداع هو عمليَّة عقليَّة عالية المستوى تتسمُ بطريقة جديدة في التفكير تؤدي لنظريات أصيلة، ونتاجاتٍ أو ابتكاراتٍ تحظى بالقيمة والأهميَّة، وحلولٍ لمشكلات حياتيَّة، يمتاز بها أشخاصٌ يتصفون بالتفكير الراقي وسعة الخبرة تمكّنهم أنْ يضيفوا شيئاً جديداً في ميدان تخصصهم يثير المتعة 

والدهشة ويساعد على ازدهار الحياة وتقدم المجتمع.

ولفتنا الانتباه الى أنَّ الدول المتقدمة أدركت أنَّ تقدمها ما عاد يعتمد على القوة العسكريَّة، بل على ما تمتلكه من عقولٍ مبدعة. وكانت بداية هذه الانتباهة تعود الى إطلاق الاتحاد السوفييتي السابق سفينة فضائيَّة في خمسينيات القرن الماضي أدهشت العالم وفاجأت أميركا، كيف أنَّ "دولة العمال والفلاحين" تسبقها في غزو الفضاء!، ووجدت الخلل في نظامها التربوي فعملت على إصلاحه وبعثت بخبراء الى العالم الثالث يلتقطون العقول المبدعة ويأتون بها الى أميركا لترعاها وتستثمرها، وكانت هذه العقول أحد أهم أسباب تطورها وتقدمها وبينها عقول عربيَّة.

واقع الإبداع في العالم العربي

حددت الورقة أهم مصدرين للإبداع هما (الأسرة والمدرسة) وأوضحت بأنَّ البيئة الأولى لنشوء الإبداع هي الأسرة، وتحديداً في أساليب تنشئتها للأطفال، لما لها من علاقة بنمو القدرات الإبداعيَّة. فالدراسات العلميَّة وجدت علاقة إيجابيَّة بين الأسلوب الديمقراطي الذي يعتمده الوالدان ومستوى التفكير الإبداعي لدى أبنائهم، وعلاقة عكسيَّة بين الأسلوب التسلطي الذي يعتمدانه ومستوى التفكير الإبداعي لدى أبنائهم. وأفادت بأنَّ الطفل الذي يعيش في جوٍ أسّريٍ ينعمُ بالدفء، ويمنحه الوالدان الحريَّة والاستقلال وطرح الأفكار دونما خوفٍ من نقدٍ أو سخرية، فإنَّها تعملُ على تنمية عمليات عقليَّة تؤدي به الى الإبداع، وبه يتوافر للطفل واحدٌ من الشروط الأساسيَّة لأنْ يكون مبدعاً في المستقبل، بينما يشير واقع الحال العربي، كما تشخصه الدراسات النفسيَّة والاجتماعيَّة، الى أنَّ أساليب التنشئة الأسريَّة تقومُ على العقاب الجسدي بالضرب والسجن والترهيب والتهديد والقمع النفسي بالازدراء والاحتقار والسخرية والتهكم، وأنَّ غالبيَّة الأسّر العربيَّة تفتقرُ الى أساليب التنشئة التي تساعد على نشوء الإبداع.

وحددت المصدر الثاني لنشوء الإبداع وتنميته في (المدرسة والمناهج). وأوضحنا بأنَّ الواقع العربي يشير الى أنَّ الصفة الغالبة عليها هي افتقارها الكثير من مقومات الإبداع سواء في مناهجها أو طرائق تدريسها أو أنظمتها العامَّة، وأنها لا تعمل على تحريض النشاط الإبداعي لدى الطالب، وأنَّ المعلم فيها ناقل معلومات ويخشى التحديات. بل إنَّ التعليم في الأنظمة التربويَّة العربيَّة من الابتدائيَّة الى الجامعة يقومُ على التلقين وحشو الذاكرة الذي ينتج بالضرورة عقلاً يأخذ بالأمور كما لو كانت مسلّمات من دون أنْ يتحاورَ معها بفكرٍ ناقدٍ. وبهذا صاغ النظام التربوي العربي عقولاً عوّدها على أنْ (تستقبل) لا على أنْ (تحاور)، فضلاً عن أنَّنا لا نعمد الى تحديث مناهجنا بالسرعة التي يتطور بها العلم، التي يفصلنا عن التقدم في عددٍ من العلوم أكثر من ربع قرن.


معوقات الإبداع

وأضفنا بأنَّه إذا كانت الأسرة والمدرسة غير حاضنتين للإبداع، فإنَّ المجتمعات العربيَّة فيها من معوقات الإبداع ما يميته أو ينفيه أو يخدّره، من بينها:

• الفهم الخاطئ للدين والميل للاتّباع ومقاومة الابتداع.

• القيود المفروضة على حريَّة التعبير.

• إهمال المواهب الفرديَّة وجعل الفرد في خدمة المجتمع.

• الجمود الفكري وقراءة السلف من دون تطوير أو إبداع.

بل إنَّ الثقافة العربيَّة أيضاً معيقة للإبداع، يكفي أنْ نشيرَ الى أنَّها تشيع بين الناس التشبث بالماضي والتغني بأمجاده وضعف الاهتمام بالقضايا الراهنة والمستقبليَّة، وتوجّيه النشء للتعايش مع مفاهيم الامتثال والتقليد والابتعاد عن المغامرة والاكتشاف والتجريب.

وخلصت الورقة الى تقديم توصياتٍ من بينها تشكيل لجنة متابعة لتنفيذ مقررات المؤتمر يكون العراق عضواً فيه.