التعداد السكاني ركيزةٌ للتنمية وبناء عراق مرفّه

فائق يزيدي
بعد نحو 27 عاما يجري العراق تعدادا عاما للسكان والمساكن، وهو الأول بعد تأسيس النظام الديمقراطي الجديد في 2003 عقب إسقاط نظام البعث المنحل، ويكاد التعداد هذا يعد أبرز الخطوات خلال العقدين الماضيين للحكومة لتحقيق التنمية المستدامة والتخطيط لمستقبل أفصل للعراقيين. والتعداد السكاني هو عملية تقوم بها الدولة لاستخدام نتائجها والمعلومات التي توفرها في البحث والتخطيط للتنمية، وحسب توصيات الامم المتحدة فهي يفترض ان تجرى كل 10 أعوام، لكن الظروف التي مر بها العراق جعلت إجراء هذه العملية المهمة متأخرة، وتسبب أيضا في إحداث حالة من الفوضى في سبيل التنمية والتخطيط للمستقبل، أما اليوم فإن التعداد السكاني الذي ستقوم به الحكومة الاتحادية يأتي في ظل متغيرات في عملية التعداد نفسها وفي الوضع العام في البلد، فهذا التعداد سيختلف عن آخر تعداد جرى في 1997 والذي جرى دون محافظات اقليم كردستان، لكن هذه المرة فإن الاقليم مشمول بالتعداد، كما أن استخدام التكنولوجيا في العملية أيضا متغير يسهم في إجراء المهمة بشكل سلس وخال من الاخطاء، حيث ستتوفر قاعدة بيانات الكترونية ستمكن الحكومة والوزارات المعنية من إعداد البحوث والخطط الاقتصادية منها والتنموية، كما وأنها ستكون ركيزة للتنمية المستدامة وعاملا مساعدا في عمل الحكومات المقبلة في مجالي الاقتصاد والتنمية، ولعل الموازنة الاتحادية العامة ستكون أحد مشاريع القوانين التي تنعكس عليها آثار
التعداد السكاني الايجابية.
اما فيما يتعلق بمتغير الوضع العام في البلاد، فإن التعداد السكاني يأتي بعد عقود من المشكلات وتفاقمها سواء السياسية منها او الاقتصادية، وحتى الخدمية، فمنذ 2003 لم تنجح الحكومات المتعاقبة في تقديم الخدمات بالشكل المطلوب ولا تحقيق التنمية المستدامة، بل إن الخلافات السياسية في الكثير من المراحل عرقلت عمل الحكومة خاصة في المناطق التي تسمى وفق الدستور متنازع عليها، فهذه المناطق وفي غياب التعداد السكاني كان يصعب على الحكومة معالجة الكثير من المشكلات الخدمية والاقتصادية فيها، مثل تحديد حصصها في الموازنة، وحصصها من تقديم الخدمة وفق الكثافة السكانية، فما كان متوفرا مجرد أرقام تخمينية لم تكن تستند على معلومات دقيقة، لكن اليوم وبعد اجراء التعداد سيكون من السهل التعامل مع مشكلات المحافظات العراقية برمتها، وتقديم الخدمات لها بما يحقق الاستقرار والتنمية في ظل تحقق الأمن بفضل قواتنا الأمنية المسلحة البطلة بمختلف صنوفها وتشكيلاتها. إن المواطن هو المستفيد الأول من عملية التعداد السكاني، وبالتالي تقع على عاتقه مهمة التعاون مع الفرق الخاصة بإجراء التعداد وتقديم المعلومات الصحيحة لهذه الفرق، ليكون مساهما فاعلا في بناء مستقبله ومستقبل أبنائه، وقبل ذلك مستقبل بلده الذي يمتلك الكثير من الموارد والثروات الطبيعية التي هي بحاجة إلى خطط واستراتيجيات سليمة للاستفادة منها بشكل صحيح لتمكين الدولة من تحقيق التنمية المستدامة وزيادة الموارد المختلفة كالموارد البشرية والاقتصادية والطبيعية وغيرها بهدف تحقيق نتائج أعلى للإنتاج حتى تلبية الاحتياجات الاساسية للفرد العراقي، لذلك علينا الادراك أن التعداد السكاني هو ركيزة للتنمية وأولى الخطوات نحو مستقبل مشرق تكون رفاهية المواطن العراقي أبرز عناوينه.