بغداد : عماد الإمارة
أشاد أكاديميون بخطوات حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الخاصة بتحقيق الإصلاح المالي، مبينين أن تعزيز العلاقات مع المؤسسات العالمية يسهم في دعم الاقتصاد العراقي. ونجح العراق مؤخراً في تعزيز علاقته بالمؤسسات والمنظمات الاقتصادية الدولية، وعكس صورة إيجابية أمام العالم بقدرته على الإيفاء بالتزاماته المالية الدولية، ومن بينها صندوق النقد الدولي، وتمكن من البدء بالإصلاح. وكان مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح، قد أعلن في أيار الماضي، سداد العراق لكامل القروض التي حصل عليها من الصندوق، والتي لم يتجاوز مجموعها 8 مليارات دولار.
العمل المشترك
الباحث والأكاديمي الدكتور عبد الكريم العيساوي قال لـ"الصباح": إن "إيفاء العراق بالتزاماته المالية مع صندوق النقد الدولي عزز علاقاته المالية مع المؤسسات الدولية".
وأشار إلى أن "العراق يعد عضواً مؤسساً في صندوق النقد الدولي، وبعد العام 2003 عاد التعاون بين الطرفين وبدأ العمل المشترك بينهما"، مبيناً أنه "في كثير من السنوات لجأ العراق إلى تسهيلات صندوق النقد الدولي بعد مفاوضات مع المركز الإقليمي للصندوق في عمان، ونجحت الحكومة مؤخراً بسداد كامل الدين".
ظاهرة الدولرة
وبين العيساوي أن "الصندوق ينظر للعراق من زاوية إيجابية بصفته دولة لديها إمكانيات مالية جيدة، ويمتلك احتياطيات من النقد الأجنبي تفوق 100 مليار دولار، ويحتفظ بأطنان من الذهب وحصة من الائتمان النقدي في الصندوق"، لافتاً إلى أن "الصندوق قدم العديد من المساعدات الفنية للعراق، كانت بدايتها نجاح عملية استبدال الدينار العراقي المتداول قبل 2003، وكذلك مساعدة العراق في التخلص من ظاهرة الدولرة التي شاعت في التداول في السوق العراقية".
المبادلات التجارية
ونوه بأنه "منذ تأسيس صندوق النقد الدولي في منتصف الأربعينيات من القرن المنصرم، لعب دوراً رئيساً في دعم النظام الاقتصادي العالمي من خلال تسهيل المبادلات التجارية والمالية بين دول العالم"، مبينا أن من "أبرز أهداف الصندوق، تعزيز وتشجيع التعاون النقدي الدولي من خلال مؤسسة دائمة توفر آلية التشاور والتعاون بشأن المشاكل النقدية الدولية، وكذلك تسهيل التوسع والنمو المتوازن للتجارة الدولية".
المنظمات الاقتصادية
وأضاف العيساوي لـ "الصباح"، أن "مهمة الصندوق بتعزيز الاستقرار المالي الدولي تعد الحجر الأساس لعمل المنظمات الاقتصادية والمالية والتجارية متعددة الأطراف، مثل البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، ولتحقيق ذلك يقوم صندوق النقد الدولي بتقديم مجموعة كبيرة من التسهيلات المالية منها التلقائية، وأبرزها اتفاقية الاستعداد الائتماني".
أداء الاقتصاد
كما لفت إلى أن "صندوق النقد الدولي ينظر إليه عادة من وجهات مختلفة، فيرى بعضهم أنه يسهم من خلال القروض التي يقدمها للدول التي تتعرض إلى صدمات واختلالات في موازين مدفوعاتها، في تحسين أداء الاقتصاد الكلي في بلدانها، ويقدم لنا نماذج لدول نجحت في التعاون معه مثل كوريا الجنوبية التي استفادت من القروض الخارجية وأدارتها بشكل جيد بعيداً عن الفساد الإداري والمالي، وهي اليوم، أي كوريا، بلد صناعي متقدم"، مستدركاً أن "آخرين يرون الصندوق أداة تعمل على اخضاع الشعوب من خلال المشروطية التي يتبعها في منح القروض الخارجية، في ظل العجز المستمر في موازين مدفوعاتها، ما يجعلها تتعرض إلى ظاهرة التحويل العكسي للموارد، بعد أن تفوق أسعار الفائدة قسط الدين في خدمة ديونها الخارجية".
وأشاد بنجاح الحكومة بالإيفاء بالالتزامات المالية على العراق، والبدء بالإصلاح المالي، خاصة أن تعزيز العلاقات مع المؤسسات الدولية يسهم في دعم الاقتصاد العراقي، من خلال وضعه في تصنيفات عالمية جيدة وجذب المستثمرين ورؤس الأموال.
هيكلة الديون
من جانبه، قال الأكاديمي والمختص بالشأن الاقتصادي الدكتور عمرو هشام: إن "علاقة العراق مع صندوق النقد تمتد على ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى كانت مهمة جداً للبلد، إذ وقفت المؤسسات الدولية ومنها الصندوق مع العراق بعد 2003 في إعادة هيكلة ديون البلد وحصر هذه الديون، وامتدت إلى 2014".
أدوات التمويل
وأضاف هشام لـ "الصباح"، أن "المرحلة الثانية كانت وقفة جيدة لصندوق النقد الدولي مع العراق في عامي 2015 ، 2016، إذ طلب العراق من الصندوق قرضاً بحدود 6 مليارات دولار عن طريق أدوات التمويل التي يوفرها صندوق النقد الدولي لمعالجة اختلالات ميزان المدفوعات للدول النامية، وأحياناً تكون من دون مشروطية وبقروض ميسرة"، مشيراً إلى أن "المرحلة الثالثة كانت بعد انتعاش العراق في العام 2020، إذ حاول الحصول على قرض، لكن الأمور سارت بشكل جيد ولم يكن البلد بحاجة إلى القرض، إذ إن بغداد تمكنت في وقت الحكومة الحالية من تسديد القروض لصندوق النقد الدولي، وكان آخرها في السنة الحالية، وكانت بحدود 8 مليارات دولار".