عبدالزهرة محمد الهنداوي
تشير السيرة الذاتية لأبي محمد الجولاني، زعيم (حركة النصرة) المصنفة تنظيما ارهابيا، الذي يقود عملية التغيير المرتقبة في سوريا، تحت مسمى جديد (هيأة تحرير الشام)، في محاولة للتمويه على سجل التنظيم، والظهور بمظهر انساني!!، إلى ان ولادته كانت عام 1982، في الرياض السعودية من أب سوري كان خبيرا اقتصاديا بفكر تقدمي، وبدأ مسيرته الإرهابية أو (الجهادية) كما يحلو للبعض تسميتها!، من الاراضي العراقية، داخلا من الحدود السورية، كان يقاتل مع الزرقاوي، وزعماء القاعدة ومن ثم داعش، تحت أمرة البغدادي، الذين أوغلوا في الدم العراقي، وحولوا ايامنا وليالينا ونهاراتنا إلى ساعات دامية، لا يمكن أن ينساها العراقيون.
وتنقل الجولاني بين السجون العراقية، لمدة أكثر من 5 سنوات، حيث اعتقله الجيش الامريكي، ثم سلمه إلى الحكومة العراقية، التي اطلقت سراحه عام 2008.
ما يثير التساؤلات، هو أن الجولاني بات يحظى بدعم امريكي، واضح، فيما كان إلى وقت قريب على رأس قائمة الإرهابيين المطلوبين لواشنطن، لدرجة أنها رصدت مكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار، لمن يأتيها برأس الجولاني! معنى ذلك أن تغييرا واضحا طرأ على خريطة المصالح على مستوى المنطقة، لا سيما بعد الذي حصل في لبنان، في ظل حالة الإرهاق التي تعاني منها موسكو، اذ يحاول اردوغان وحلفاؤه في المنطقة، استثمار هذا الارهاق، والإجهاز على التواجد الروسي، والحصول على مناطق نفوذ ذات تأثير على صنع الاحداث في الشرق الأوسط، إذ يسعى اللاعبون الكبار، إلى رسم خريطة جديدة لهذا الشرق المغضوب عليه بسبب شمسه ونفطه!
في المقابل إنّ ما يحصل في سوريا اليوم، انما هو نتاج سياسة حكومة بشار الاسد، الذي سبق له أن وفّر البيئة الخصبة، لعمل هذه التنظيمات فنمت واشتد عودها، برعاية واضحة من قبل الحكومة السورية، وليس بخاف على أحد التسهيلات الهائلة التي حصل عليها تنظيم القاعدة وداعش في نشر ارهابهما في العراق، منذ عام 2003 حتى عام 2017، عندما حرر أبطالنا الارض العراقية من دنس هؤلاء الاشرار، فقد كان الارهابيون سواء من سوريا أو من باقي دول العالم يدخلون الأرض العراقية زرافات ووحدانا، بكامل تجهيزاتهم، عبر الحدود السورية، بمرأى ومسمع، بل وبتسهيل من الأمن والمخابرات هناك.
ومعنى ذلك أن الحكومة السورية كانت شريكة بنحو رسمي، في انشاء مصنع الموت، وتصدير هذه الصناعة إلى العراق، لدواع مختلفة، فمرة ربما تكون بداعي التخلص من خطر الإرهاب، من خلال ايجاد ساحة بديلة، أو أنها تعتقد أن قتل العراقيين كان سيخيف امريكا، وبالتالي إبعاد سوريا عن تفكير واشنطن!.
وعلى العموم، إن ما يحدث اليوم في سوريا، يشبه إلى حد ما حكاية سارق الأكفان، الذي كان يراقب دفن الموتى في المقبرة، وما أن يذهب الدفانون، يأتي لنبش القبر وسرقة الكفن، ثم يواري الجثة مرة أخرى، وينصرف، وعندما توفي سارق الأكفان هذا، خلفه ابنه في ممارسة المهنة، ولكنه فاق أباه في عمله، فقد كان يعمد إلى نبش القبر، وسرقة الكفن، ثم يمثّل بالجثة ويتركها ملقاة عارية في العراء، لتكون طعاما للحيوانات، وعندما وجد الناس هذا الفعل، استنكروه بشدة، وراحوا يترحمون على سارق الأكفان الأب، الذي كان يحترم الجثة فيعمد إلى اعادة دفنها، اما الابن فقد ضرب (مبادئ المهنة)، التي ارساها أبوه عرض الجدار، لذلك فإن الذي نخشاه في حال تغير الحال وأيلولة الأحداث لصالح الجولاني، فإن الأمر لن يتوقف عند سرقة الأكفان، إنما يتعداه إلى التمثيل بالجثث، وتركها في العراء.
علينا أن نحتاط بشدة ونتخذ جميع التدابير والاحترازات، التي تقطع الطريق على سارق الأكفان، وتأمين حدودنا بنحو لا يسمح بعبور حتى النملة.