خالد جاسم
اعتادت الصحافة الرياضيّة ونحن معشر الصحفيين الرياضيين وقبل نهاية كلِّ عام أن تكتب ما يشبه الأمنيات أو التمنيات لما نريده من رياضتنا في العام الجديد، أو قد يذهب بعضنا في اتجاه آخر عبر استرجاع مسيرة العام الذي انقضى أو أوشك على الانقضاء عبر تقييم مسيرة الرياضة وأبرز محطاتها ومن دون أن ننسى ما يختلج في النفس من أمنيات كذلك، وعلى ذات المنوال، ولكن في نسق مختلف يذهب كثيرون منا في اتجاه استطلاعي لمحاكاة قلوب وذاكرة الرياضيين على اختلاف مسمياتهم وعناوينهم في رحلة تتركز أغلب محطاتها في الأمنيات التي لم تتحقق والأمنيات التي يسعى هؤلاء لتحقيقها.. وبلا شك فإننا- أي أصحاب القلم- وهم- أي أهل الرياضة- بمختلف العناوين كثيراً ما ترتكز أمنياتنا على مسائل أضحت شبه تقليدية وصارت كلاسيكا سنوياً عبر التمني بمشاهدة رياضتنا بكامل عافيتها وصحتها وتألقها من خلال شريط بسيط من الأحلام التي داعبت خيالنا منذ سنوات الصغر، عندما بدأنا نسج حكاية عشقنا للرياضة.
وهذا الشريط الذي لا يزال يستنسخ نفسه ويجدد حضوره في كل المناسبات، خصوصاً في رأس السنة قد اجتازه العالم من حولنا بمن فيه أهل الجوار، وهو يرتكز بالدرجة الأساس على الأمل بمشاهدة بنى ارتكازية حقيقية للرياضة العراقية، وهي بنى تتضمن تفاصيل مشاهدة ملاعب مكشوفة وقاعات رياضية مغلقة مع كل ما تضمه تلك الملاعب والقاعات من مرافق أساسية، مثلما تقفز من هذا الشريط صور بسيطة الملامح لكنها تبقى حبيسة الذاكرة بعد أن صارت مجرد أمنيات (مسلفنة) ومتخمرة ولم يكتب لها التحقيق على أرض الواقع، ومنها التمني بحضور مفردة صارت صعبة الفهم على أهل القرار كما هي صعبة التحقيق اسمها التخطيط الصحيح لرياضتنا، ولا نقول التمني بوضع استراتيجيات حقيقية للرياضة العراقية. وتدخل في صور الأمنيات الضائعة أو المؤجلة أو السابحة في بحر الوهم حتى حين لا يعرف أحد متى يأزف موعدها هي صورة التمني بمشاهدة الرياضي العراقي بكامل الأهلية الفنية, وقريباً من الحالة الاعتيادية في السلوك والمظهر والتصرف في المشاركات الخارجية.. وتتجدد في لغة الأمنيات المعتادة في نهاية كل عام صورة التمني بعودة الروح إلى الرياضات المدرسية والجامعية والعسكرية لأنها كانت مناجم غنية تنهل منها رياضتنا عشرات المواهب التي غرست جذورها أساساً في تربة تلك الرياضات التي أضحت شيئاً من الماضي وتراكم عليها غبار الذكريات.. وتقفز إلى ذاكرة تجديد الأمنيات أو التمنيات في بداية العام الجديد ونهاية العام الذي سوف يمضي, صورة التمني بأن يرتقي أهل الرياضة وتحديداً أصحاب السلطة والمتصدرين المشهد الرياضي سواء باستحقاق أو دونه إلى مستوى المسؤولية ويضعوا الخلافات والتقاطعات والتجاذبات القائمة على صراعات شخصية وطموحات قد يكون معظمها غير مشروع لأجل المناصب وجني الأرباح قبل التفكير برياضة الوطن ومصالح الرياضيين.
هذه الأمنيات البسيطة والمختصرة هي جزء صغير من كم كبير متراكم من الأمنيات التي نجترها كلما يقترب عام من محطة النهاية ونبدأ العد التنازلي لعام جديد آخر, نمتلك في دواخلنا اليقين أنه سيكون كسابقاته من السنوات التي راحت هباءً ورياضتنا تسجل تقدماً مخيفاً إلى الخلف, لكن تبقى الأمنية الأكبر والراسخة في جدار الذاكرة وفي صميم القلب أنَّ جذوة الأمل بالتغيير والانتقال نحو الأفضل تبقى متقدة وإن طال زمن الانتظار واجترار الأمنيات.. وكل عام ورياضتنا بخير رغم كل شيء.