سعد العبيدي
تمادى الأسد في تعامله مع المجتمع السوري لسنين، كونت مشاعر وآراء وأفكاراً ومواقف عداوة بالضد من نظامه، خزنت في الوعي الجمعي السوري لعشرات السنين، ولما أتيحت الفرصة لظهورها مرة واحدة يوم ضعفت سلطة النظام الضابطة
كان الظهور على شكل سلوك تخلٍ عن القتال والمؤازرة بالنسبة إلى العسكريين ورجال الأمن والحزبيين، وكان عند الشعب صدمة انحياز إلى القادم الجديد دون التمحيص بصلاحيته لملء الفراغ السلطوي، سهل عملية السقوط وإنهاء حكم الأسد. ومن قَبلهِ تمادى صدام حسين في تعامله مع الانسان العراقي والمجتمع قمعًا وتسلطًا، فملأ خزين الوعي العراقي بمشاعر الكره لنظامه وانفعالات الغضب على شخصه، وأفكار جلها لوم وانتقاد لمؤسساته الأمنية والحزبية، ولما جاءت الفرصة لظهورها من ذاك الوعاء مع ساعات الشروع بتقدم قوات الاحتلال، كونت سلوكًا جمعيًا على شكل تنحي الجيوش المقاتلة عن القتال، واختفاء أجهزة الأمن من ساحة الضبط والسيطرة، وتبخر الحزب من شارع كانت له الغلبة فيه، وبالنسبة إلى المواطن صدمة دفعت به الخروج للترحيب بالقادم الجديد دون قيد أو شرط.
مقدمة يراد منها القول إن الوعي المجتمعي هو وعاء يحتوي خزين المعلومات والمشاعر والأفكار والانفعالات التي تشكل السلوك في المواقف تبعا لتفاعل هذا الحزين مع عوامل الشخصية والمثيرات الخارجية أي ما يحدث في محيط الفرد والجماعة. والقول أيضا أن هذا الخزين يؤثر على آراءنا وقراراتنا، وسلوكياتنا، وحياتنا النفسية، وما دام الأمر كذلك فلا بد لسلطات الدولة أن تحسب في إدارتها المجتمع سبل التعامل مع انسانه بشكل صحيح كي لا تملأ خزينه بالمعرفة والانفعالات الخطأ، وكذلك القول إن الأسد وصدام لو كان لهما المعرفة بهذه الحقيقة وأدركا مديات التأثير لتعاملا مع الانسان تعاملًا صحيحًا عادلًا، ولما حصدا مواقف عداوة بالضد أسقطتهما بسرعة لم تكن متوقعة. . . حقيقة لم تأخذها إسرائيل في تعاملها الفظ والقاسي مع الفلسطينيين بالوقت الحاضر، تعاملًا سيملأ خزن الوعي الفلسطيني والعربي بالمزيد من مشاعر الكره، والعداوة وسيبقي الصراع بشكله القتالي قائمًا إلى عشرات أخرى من السنين، مهما استخدمت فيه إسرائيل من أدوات القسر والقوة لإخماد حرائقه المتقدة.