تعايش شخصي

العراق 2019/07/02
...

رائد الموسوي
لقد بلغت السن الذي يسمح لي ان اسأل اسئلة تحرك واقعي نحو الفضاء الاوسع. بدأتُ كأقراني المنفتحين اوظف المفاهيم على حساب الشائع من الافكار. واسأل عن قضايا كثيرة وخاصة التي تتعلق بالمسائل الفكرية، أسئلة لا تتعلق فقط بمعقولية فكرة أن تكون مثقفاً، بل كذلك بمعقولية هذه الثقافة. وأسئلة أخرى من نوع، لماذا لا يندمج الناس على اختلاف ثقافاتهم وأديانهم ومذاهبهم، لماذا لا تقوم كل جماعة بالاعتراف بالآخر، لماذا لا يكون في كل جماعة من هذه الجماعات تماثل فكري لكل متبنى لها لكي يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية والإنسانية، لماذا يبدو في هذه الجماعات كل هذا الاختلاف؟
كل هذه الأسئلة لم تكن تتعلق بالجذور التاريخية للاختلافات التي جعلت الثقافات تتوزع حسب جغرافيتها، بل بعدم الانسجام الذي لا يوحد أفراد وجماعة كل بقعة من هذه الجغرافية في مشروع يختزل الزمن ويغير  الأقدار. 
تركتُ لنفسي حريةَ القرار، فقد كانت هذه الطريقة الوحيدة التي أثق فيها من شرور الرأي الآخر، وصرتُ أفكر بما ينسجم مع ما هو واقعي ولكن بطريقة ثورية أخرى لا اقبل فيها بالمساومة ولا اقبل بالبديل، كالذين أعادوا صياغة دورهم واخذوا يفكرون بهويتهم ومغزى وجودهم على نحو جديد.
إذ كل الأشياء التي تعرفت إليها كانت واضحة، كنت أرى تعابيرها ساخرة، ومرة هاربة وأحسست إنني أصبحت الآن امسك بهويتي، ولكن كنا جميعاً جزءاً من كيان احتجاجي اكبر بلا هوية، كيان يتحرك بآلاف الرؤوس ليقتل الرغبة في تغيير العالم، يتحول الى قوة لا يمكن مواجهتها.
كان هذا الكيان مثل طفل ينمو في رحم المكان، لم تكن ملامحه واضحة بعد، لكن كان من الواضح لي أني أمام مدرسة ميدانية لفهم جديد، وكانت أبواب الدخول لهذا الفهم مفتوحةٌ بلا خوف.
أطلقت حراك الحرية لنفسي وكان حراكاً غير مسبوق، لتأسيس منظومة فكرية بروحٍ منفتحة حوارية، لأني ولدت من رحم التجربة الجديدة، وصرت أحتج على ثقافة أكل الدهر عليها وشرب. وصرت أقف في كل خطوة ضد دكتاتورية جديدة تقف أمام نظرتي الجديدة للحياة، أمام هذا العنفوان فككتُ أفكاري القديمة وسحقتها بكل قوة حتى لا أعود إليها وأتشبث بها. لقد تغيرت نظرتي لكل ما يحيطني، صرتُ انظر  للحياة والآخرين بقلب ناصع البياض محبةً وتعايشاً.