التعايش في كتاب {التقارب بين السنة والشيعة}

العراق 2019/07/02
...

صباح محسن كاظم 
ثمة قصور وتقصير في الثقافة العربية، والفكر العربي.. بالخوض في غمار قضية جوهرية بثقافة التعايش، والحوار، والوئام، والتجانس بين المسلمين، لذا نجد آلاف الكتب تصدر بعواصمنا العربية للتكفير، والتحريم، و القطيعة.. وهذا ما يقدم خدمة مجانية لأعداء الأمة، بينما كتب ثقافة السلام، و التعايش، والمصالحة لا تكاد تذكر كيف ننمي العقول، وثقافة التعايش غائبة عن الواقع العربي، في كتاب “التقارب بين السنة والشيعة ضرورة إسلامية أسس لها النجف والأزهر”.. للكاتبة اللبنانية زينة محمد الجانودي عن دار المحجة البيضاء 135 صفحة، محاولة جادة، ورصينة، بتفكيك  ظاهرة التكفير، وفكر الاختلاف.. لذلك وجهت لها دعوة من العتبة الحسينية المقدسة لزيارة العراق وهي مبادرة تقدير واحترام للمؤلفة وهي لبنانية الأصل تكتب بمجال التقارب الإسلامي، مثلها مثل الدعوات للمسيحيين، والأخوة السنة، وفي هذا أرى انها أول كاتبة خلال أكثر من عقد من الأزمات والتكفير تدعو للتقارب، بعد الدعوات التي تنطلق من أفواه ملوثة، وأقلام تبث السموم بتكفير الشيعة وقتلهم وإبادتهم لذلك تعرض العراق، سوريا، لبنان، البحرين، اليمن، الحساء والقطيف، وباكستان وفي كل مكان يتواجد فيه شيعة آل البيت إلى القتل والإبادة من” داعش” الوهابية التي تقتل الجميع ممن لا يؤمن بعقيدتهم.
هذا الكتاب جهوده تحسب للسنة قبل الشيعة.. فالمنهج النبوي هو احترام كل العقائد والأديان كما ورد بالقرآن”لكم دينكم ولي ديني”.. حرية الاعتقاد بأي مذهب تابعة لحرية الإنسان بجميع الشرائع، والقوانين، والأنظمة الدولية.. تذكر المؤلفة في صفحة 7 “إن المذاهب الإسلامية في واقعها متقاربة، وذلك لوحدة مرجعياتها، وهما الكتاب والسنة، ولاشتراكها في الأصول والمعالم الأساسية للدين، فالتباعد حاصل بين أبنائها وأتباعها، وليس بين المذاهب كمدارس وتوجهات”.  
وتؤكد المؤلفة ارتفاع صوت الباطل والتهريج بعالم اليوم”فقد وصل الأمر إلى مالا تحمد عقباه، وتقاتل الأخوة، وتناحروا في ما بينهم، وخفت صوت الاعتدال والوسط، وأصبح الصوت الهادئ هو النشاز، ومن يطالب بتحكيم العقل، وتغليب لغة الرحمة والمحبة والتفاهم، هو الضعيف”.. وبمقدمة  رائعة شافية، وافية، كافية كتبها عالم الأزهر للكتاب يؤكد الدكتور الشيخ محمد نقري ص15” من المواضيع التي أضعف أمامها، و تجذبني إليها جذبا، تلك التي تتعلق بمواضيع الحوار الديني، بشقيه الإسلامي- الإسلامي والإسلامي-المسيحي. من هنا كانت مشاركتي التي تتضمن النقاط المشتركة بين المسلمين السنة والشيعة. وأنا أميل إلى الحديث عنهما بوصفهما العائلتين الأساسيتين اللتين تنضويان تحت اسم الأمة الإسلامية. وفي هذا السياق أقول: بأن كل من سعى إلى رأب الصدع، بين هاتين العائلتين، فهو قرآني محمدي..”.. تناولت المؤلفة قضايا جوهرية بفصول الكتاب الشيقة، الهادفة، البناءة، كقضايا الوحدة الإسلامية في القرآن والسنة، سبب الصراع بين المسلمين، أهمية الوحدة والإصلاح بين المسلمين، المذهبية السياسية خطر على الدين، من هو المسلم، وفصول وأبواب العبادات من ص 35 - 65 ثم تطرقت إلى فضل أهل البيت عند أهل السنة وأبواب أخرى، هي القدس وأهميتها، كتاب فحواه تأسيس ثقافة التقارب لا التنافر، والوئام وليس الخصام، كما بالمراجعات بين شيخ الأزهر سليم البشري والسيد شرف الدين قبل عقود التي أرست قيم الأخوة والتعايش بين السنة والشيعة. وقد عرجت الكاتبة زينة محمد على تواصل المدرستين النجف والأزهر وفتوى شيخ الأزهر بجواز التعبد بمذهب الشيعة، الشيخ محمود شلتوت يؤسس لفكر التقريب بين السنة والشيعة، موقف السيد محسن الحكيم من إعدام سيد قطب، رسائل الشيخ محمود شلتوت لعلماء النجف.. 
الكتاب يحتاج وقفات أخرى في فصوله وثناياه ويعد بذرة مهمة بالوطن العربي لثقافة المصالحة، و التعايش، ونشر السلام وردم الهوة التي فعلها أعداء الإسلام.