صناعة الصحافة في ظل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

آراء 2025/01/23
...

 د. حسين محمد الفيحان 

 

عدة جهات اليوم تشارك في صناعة الصحافة هي: تشريعات الدولة، والصحفي نفسه، والمؤسسة الإعلامية، والقارئ، ومؤخرا دخل على ذلك شركات التكنلوجيا ومنها الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح أداة ثورية تؤثر في العديد من الصناعات، بما في ذلك الصحافة و الاعلام. فمن خلال تقنياته المتطورة، أصبح الذكاء الاصطناعي يُغير الطريقة التي تُجمع بها الاخبار وتحرر وتوزع، مما يُعيد تشكيل مستقبل صناعة الصحافة والإعلام بأكملها، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي جمع الاخبار وتحليل كميات كبيرة من البيانات في وقت قصير جداً، باستخدام برامج مثل " انل بي ناجرال، و لانكوك بروسيسز" المستخدمة لفهم النصوص وتحليل الاخبار من مصادر متعددة، كما تستطيع الخوارزميات الذكية تحديد الاخبار العاجلة و الآنية في وسائل التواصل الاجتماعي قبل وسائل الإعلام التقليدية.

وكذلك فإن روبوتات الذكاء الاصطناعي تستطيع كتابة المقالات والتقارير، بل وأصبحت قادرة على كتابة تقارير اخبارية، خاصة في المجالات التي تعتمد على البيانات مثل الرياضة والأسواق المالية وغيرها، باستخدام أدوات مثل "اوبينل جي تي بي، و ورد شمث" التي تُنتج محتوى بجودة عالية وفي ثوانٍ معدودة، و بالذكاء الاصطناعي صار لمنصات الإعلام القدرة على تخصيص المحتوى استنادا إلى اهتمامات كل مستخدم، فأن تخصيص المحتوى للجمهور باستخدام التعلم الآلي "مشين لايرننك" والذي من خلاله يمكن باستخدام تطبيقات كـ "نت فليكس، و سبوتي في" التي تعتمد على توصيات مدعومة بالذكاء الاصطناعي ومن خلالها يمكن تقديم الاخبار المفضلة لكل قارئ. 

إن تحسين سير العمل الصحفي بالأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تُسرع من عمليات التحرير والتصحيح اللغوي وحتى انتاج الفيديوهات، كما تستخدم الأنظمة الآلية للتعرف على الصور ومقاطع الفيديو وتصنيفها مما يختصر وقت الصحفيين. 

وايضاً أصبح الذكاء الاصطناعي أداة حاسمة بالتحقق من الاخبار ومكافحة الأخبار الزائفة مع انتشار الأخبار الكاذبة والمضللة باستخدام تقنيات مثل " فاكشكنك الكوريثمس" التي تساعد على فحص الاخبار واكتشاف التضليل فيها بسرعة متناهية بالدقة.

ورغم تلك الفوائد الكبيرة يواجه الذكاء الاصطناعي في الاعلام تحديات مثل فقدان الوظائف لبعض الصحفيين نتيجة الأتمتة، فضلاً عن التحيز الخوارزمي الناتج من تحيز المبرمجين انفسهم، و إضافة إلى ذلك الاخلاقيات في استخدام الذكاء الاصطناعي خاصة فيما يتعلق بالخصوصية والمصداقية. 

وبذلك فإن الدمج بين الذكاء الاصطناعي والصحافة يفتح أفاقا جديدة لتحسين جودة وكفاءة صناعة الاعلام، ومع ذلك يجب ان يتم ذلك بحذر لضمان الحفاظ على القيم الصحفية الأساسية مثل الدقة والمصداقية، ويبقى المستقبل يحمل وعوداً كبيرة ولكن النجاح سيبقى يعتمد على كيفية توازن الصناعة بين التكنولوجيا والاخلاقيات.