الله بالخير

فلكلور 2025/01/27
...

عواطف مدلول

التحول الكبير والسريع الذي حصل في السنوات الاخيرة بفعل التكنولوجيا الرقمية، وما حققت من تأثير في مجالات الحياة كافة،  لم يستطع حتى الان  تغيير الكثير من العادات والتقاليد، التي كان يتبعها العراقيون منذ زمن بعيد، فبالرغم  من تسلل العديد من المفردات والمصطلحات  التي يتطلبها العصر الجديد،  إلا أن مجتمعنا بشتى أطيافه وطبقاته بقي متمسكا بعبارات معينة، جعلته يحافظ على لهجته وبمختلف الأوساط والبيئات العامية الشعبية أو الثقافية. 

(الله بالخير) التحية التي انفرد بها العراقيون أثناء المجالس، حيث تقال للترحيب بالأشخاص في اللقاءات الودية حتى لو كانت خارج حدود بلدهم، ولا تقتصر على الأصدقاء والأهل والمعارف، تستعمل مع الغرباء ايضا، وهي الأكثر تداولا  لدى الرجال بالذات، حيث لا تبدأ أحاديثهم الا بعد تبادلها، ومع أن النساء لا يذكرنَّها في تجمعاتهن، لكن اذا كانت المجالس مختلطة فإنهن لا يبادرن بها الا اذا وجهت لهن.

خلال البحث عن مصدر تلك الجملة ومعنى قولها، هناك من يشير الى أن اعتبارها هو اختصار لتحية السلام بمختلف الاوقات، صبحكم الله بالخير أو مساكم الله بالخير، ورأي آخر يؤكد بأنها تأتي بعد السلام والجلوس وبمجرد أن يأخذ الحضور شيء من الراحة والاسترخاء، تردد بينهم كنوع من حسن الاستقبال والاحترام فتبعث شعور القبول والاطمئنان بينهم.  

(الله بالخير) حاضرة حتى بالمجالس العشائرية التي تعقد للبحث في أمور وقضايا الخصومات، فتلعب دورا كبيرا ومهما  في تهدئة الاطراف المتنازعة، وقد تسهم بفض الخلافات وتحول العداوات الى علاقات محبة وانسجام وتسامح. والمعروف أن القاموس العراقي لا يخلو من كلمات دخيلة عليه اقتحمته على مر التاريخ اغلبها ذات أصول تركية أو فارسية  أو انكليزية، بحكم الموقع الجغرافي وسنوات الغزو والاستعمار، فاندمجت مع اللهجة الشعبية حتى أصبحت دارجة بين الناس، توارثتها الأجيال معتقدين أن جذورها محلية.

 بالمقابل فان اللهجة العراقية لم تكن مفهومة لدى البلدان العربية، وتعد صعبة نوعا ما بالنسبة لهم، لاسيما في الفترة التي سبقت سقوط النظام السابق قبل 2003 حيث تسبب بذلك الانغلاق على العالم،  جراء قلة السفر والانشغال بالحروب والازمات الداخلية، وما أن بدا العراق عهده الجديد بالتزامن مع ظهور الانترت انتشرت لهجته بشكل واسع، من خلال شبكات التواصل وتوفر الفرص لمزيد من نشاطات تبادل الحضارات والخبرات بين البلدان العربية، كالمهرجانات والمؤتمرات والدراسة والسياحة وغيرها من المجالات، حتى باتت من اللهجات السهلة المقبولة والجاذبة للتعامل بمفرداتها.