بغداد: مهند عبد الوهاب
انطلقت صباح أمس الثلاثاء، في "جامعة بغداد"، أعمال مؤتمر "البحث في أزمنة حالكة: الإبادة وجرائم الحرب والعنف السياسي"، الذي تُنظمه دورية "عمران" للعلوم الاجتماعية (الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا)، بالتعاون مع "كرسي اليونسكو لدراسات منع الإبادة الجماعية في العالم الإسلامي في جامعة بغداد"، ويستمر حتى يوم غد الخميس، بمشاركة 40 باحثاً من العراق والدول العربية والأجنبية. وتشير ورقة المؤتمر الذي شهدت "الصباح" افتتاحه، إلى أنّ "عملية طوفان الأقصى العام 2023 غيّرت حياة الناس في المنطقة بطرائق لا يسعنا فهمها حتى الآن؛ إذ لا تزال الإبادة الاستعمارية للفلسطينيين، التي تدعمها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا دعماً كاملاً، تعيد تشكيل المنطقة والعالم بأسره، وقد بتنا نعيش زمناً ربما لا يقارَن إلا بنكبة عام 1948، علينا التكيُّف معه إذا ابتغينا أن تكون دراستنا مفيدة في تأطير نضالات سكان المنطقة" .
وأشار باحثون التقتهم "الصباح" في المؤتمر، إلى أنه "لا يمكننا بوصفنا باحثين، الانفكاك عن البحث، وليس ثمة أوقات ملائمة لإجراء البحوث في المجتمعات التي تواجه العنف السياسي"، مبينين أن "المؤتمر يسعى لتوفير مساحة للاستماع للباحثين الذين يجابهون الظلام المحيط بعالمنا، ويتساءلون عن كيفية المضي قدماً وكيفية فهم ما نمرُّ به" .
مظاهر وممارسات
رئيس جامعة بغداد الدكتور بهاء إبراهيم إنصاف، قال في حديث لـ"الصباح": إن "المؤتمر علمي ودولي بمسمى (البحث في أزمنة حالكة بشأن الإبادة وجرائم الحرب والعنف السياسي)، وهو يسلّط الضوء على كافة هذه المظاهر والممارسات التي تؤثر في فكر المجتمع، وطريقة معالجتنا كمجتمع بحثي أكاديمي لهذه الظواهر التي استفحلت في الوقت الحاضر، وبالتالي تتطلب جهوداً علمية منظمة من مؤسسات دولية مختلفة، لضمان تحصين المجتمعات من الآثار السلبية للأفكار الناتجة عن تلك الظواهر" .
وأضاف، أن "هناك بعض المبادرات لتطوير بعض النشاطات في الجامعات، للتأكيد على أن سجلات تلك الممارسات ستبقى في الذاكرة لضمان عدم تكرارها، وسيكون هذا المؤتمر بادرة خير للتوثيق في هذا المجال بالتعاون العربي الدولي المهم مع كرسي اليونسكو بجامعة بغداد" .
آراء أكاديمية
من جانبه، أوضح رئيس "كرسي اليونسكو لدراسات منع الإبادة الجماعية في العالم الإسلامي في جامعة بغداد"، صلاح الجابري لـ"الصباح"، أن "المؤتمر يعقد بالمشاركة بين كرسي اليونسكو والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في قطر، وإشراف دورية عمران المرموقة، لمناقشة وبحث العنف الذي يطلُّ على آفاق العالم العربي، وفي العراق الذي كان طابعه الدكتاتورية في ما مضى"، مبيناً أنه "بالتأكيد تحتاج هذه الظواهر إلى دراسة علمية وتشخيص ومعالجة لمنع تكرارها في المستقبل، ولاسيما في العراق الذي تأثر بالعنف والإبادة والحروب طيلة عقود مضت، فكان عقد المؤتمر ببغداد بادرة علمية مهمة للبحث والمناقشة" .
وأضاف، أن "أهمية الفكرة تكمن بأننا في المكتبة العربية نعاني من نقص في الدراسات لهذه المواضيع المسكوت عنها، ونشر هذه الثقافة لكي تؤسس لهذا الحقل، والعراق سبّاق في تأسيس حقل دراسات الإبادة الجماعية، وصدرت منشورات كثيرة على مستوى الأطاريح والمؤلفات في هذا المجال" .
بدوره، بيّن عميد كلية الآداب بجامعة بغداد الدكتور علي عبد الأمير لـ"الصباح"، أن "المؤتمر نوعي، ويتناول الإبادة الجماعية والعنف السياسي في المنطقة والعالم العربي، إذ يبحث هذه الظواهر من الجانبين السسيولوجي والإنثربولوجي، ويجيب المؤتمر ببحوثه عن إشكاليات كبيرة بشأن كيف تحدث الإبادة، ولماذا تحدث في المنطقة، وفي نفس الوقت تقدم البحوث المعالجات للتقليل من آثار الصدمات، ورسم سياسات وبرامج لحماية المجتمعات من الإبادة الجماعية والعنف السياسي وجرائم الحرب" .
وأضاف أن "المؤتمر مهم ونستضيف فيه باحثين من مختلف الدول، وأهميته تكمن بأن المنطقة تمرُّ في هذه المرحلة بدوَّامة من العنف من جرائم الإبادة والعنف السياسي، فضلاً عن الفترة السابقة التي شهدت الجرائم التي مرَّ بها العراق من قبل النظام السابق وداعش وتنظيم القاعدة الإرهابيين، وكذلك يبحث المؤتمر أهمية رسم السياسات لمساعدة المجتمعات على تحسين نوعية الحياة والعيش بكرامة " .
إبادة جماعية
بينما يرى رئيس "مركز دراسات الخليج والدراسات العربية في المركز العربي للأبحاث والسياسات" الدكتور حيدر سعيد، في حديثه لـ"الصباح"، أن "المؤتمر يقدم دراسة في حقل الإبادات الجماعية، وهذا الموضوع له أهميته، خصوصاً بعد العدوان الأخير على غزة الذي مُورست فيه إبادة جماعية واضحة، مثلما مُورست عمليات إبادة جماعية على يد التنظيمات الإرهابية لدى احتلالها لأجزاء من العراق" .
وبين أن "المؤتمر علمي أكاديمي، وتقدم فيه 40 ورقة بحثية، وتنشر في دورية عمران التي يصدرها المركز في الدوحة"، مبيناً أن "الدورية المرموقة هي التي بادرت إلى طرح الموضوع وتنظيم المؤتمر ببغداد، وهذا المؤتمر له قيمة علمية أكاديمية في هذا الحقل المهم" .