بغداد: رسل عقيل
في أحد المقاهي الشعبية في بغداد، تتعالى أصوات التشجيع والحماسة بين مجاميع من الشباب، تجاه فرقهم المفضلة في مباراة الكلاسيكو بين ناديي برشلونة وريال مدريد. بين فرح وهتافات تأييد لنجوم الفريق الكتالوني وغضب من أداء الفريق الملكي، تفاعل الجميع مع أحداث المباراة.
وسط هذه الأجواء الصاخبة، يبرز شخص غريب الأطوار يبدو متحمسا لنتيجة المباراة، لكنه لا يتابع الأحداث كما يفعل الآخرون.
فهو منشغل تماماً بهاتفه الذكي، يتابع نتائج المباراة بشكل رقمي، متجاهلًا مجريات المباراة نفسها.
وعند الاقتراب منه، يتضح أنه قد دخل في مراهنة عبر برنامج (xbet) على نتائج الفريقين.
يقول (م.ع)، 27 عاماً، انه راهن على 12 مباراة بمبلغ 10 آلاف دينار، وفي حال زيادة المبلغ قد تصل الأرباح إلى 25 ألف دينار، صعودا لتصل الى مليون و700 ألف دينار.
عن طرق الدفع للمراهنات، يضيف انها تتم عن طريق كارتات الدفع المسبق.
وفقًا لما قاله إبراهيم الجبوري، صاحب أحد المقاهي في بغداد، فإن هذا النوع من المراهنات أصبح شائعاً بين الشباب.
"خالد حقي" من بين هؤلاء الشباب، يذكر أن الكثير من أصدقائه يستخدمون هذه التطبيقات، رغم علمهم بأنها محرمّة دينياً.
رغم ذلك، يرون أن هذه التطبيقات تجمع بين التشجيع للفريق والحصول على مكافآت مالية، ما يعزز من إغراء هذه المراهنات رغم كونها محظورة.
أما "شجاع"، فيوضح أن تطبيق المراهنات يحتوي على فئات متعددة مثل فئة "التعادل"، "أول هدف"، و"الفريق الفائز"، وكل فئة لها أرباح محددة.
وعلى الرغم من حبه لمتابعة الدوري الإسباني وتشجيع ريال مدريد منذ صباه، إلا أنه يعد التشجيع مجرد تسلية.
ومع ذلك، هذه التسليّة تتحول إلى ما يشبه الهوس، ما يعزز من الانشغال بالأرباح المادية على حساب المتعة الرياضية الفعلية.
أما "علي"، فيرى أن هذه التطبيقات تجمع بين متعة التشجيع للمنافسة مع الأصدقاء والمراهنة على النتائج.
يضيف أنه جرب التطبيق شخصيا وحقق ربحا في بعض المرات، لكنه يواجه خسارة أيضا عندما تكون توقعاته غير صحيحة. ومع ذلك، يفضل هذه المراهنات بسبب متعة التنافس.
يشارك "عبد الله" بوجهة نظر مختلفة، حيث يرى أن مشاهدة المباريات تعدُّ هروبًا من الواقع الشخصي. بالنسبة له، كرة القدم هي وسيلة للهروب من الضغوطات الحياتية.
ورغم ذلك، يرفض المراهنات تمامًا بسبب المخاطر التي قد ترافقها.
يعتقد أن الشباب الذين يدخلون في هذا النوع من المراهنات يتجاهلون المخاطر القانونية والدينية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
يشير الباحث الاجتماعي، ولي الخفاجي، إلى أن هذه الظاهرة تمثل هوسا قد يكون مؤشراً على اضطراب سلوكي، خاصة في البلدان النامية التي تعاني من الفراغ وقلة البدائل الاجتماعية.
ويعتبر أن هذا الهوس قد يكون مدفوعا برغبة في التباهي الاجتماعي أو السعي للظهور بمكانة مميزة بين الأقران.
ومع ذلك، يحذر من أن هذه السلوكيات قد تكون مؤشرا على انحرافات اجتماعية خطيرة، إذ قد يؤدي الهوس بالمراهنات إلى اضطراب في حياة الشخص ويجعله عرضة للمشكلات النفسية والمالية.
وفيما يتعلق بالجوانب القانونية، يوضح الخبير القانوني محمد السامرائي أن القمار والمراهنات يُعدّان جريمة بموجب قانون العقوبات العراقي.
لكن المراهنات الإلكترونية مثل تلك التي تتم عبر تطبيقات مثل (xbet) غير مغطاة قانونيا في العراق، ما يفتح المجال لممارستها في بيئة قانونية غير
منظمة.
ويرى السامرائي أنه من الضروري أن يُسرع المشرِّع العراقي في تشريع قوانين لمكافحة هذه الممارسات.
وتكمن خطورة هذه المراهنات في أنها تسهم في تفشي السلوكيات المدمرة مثل الإدمان على القمار، مما يؤدي إلى عواقب اجتماعية واقتصادية وخيمة.