بين النازيَّة والصهيونية.. قصص إبادة واستيطان

آراء 2025/02/10
...

رحيم عزيز رجب 


التاريخ  يعيد نفسه ولكن باختلاف الأزمان، والمواقع   والسيناريوهات، والشخصيات، والاحداث. في عام 1884 بعد مؤتمر برلين والذي قسم الأراضي الافريقية بين القوى الاوربية الاستعمارية. كانت (ناميبيا) من نصيب الألمان حيث أرسلت ما يقرب من 5 آلاف من المستوطنين الألمان ليحكموا 250 ألفا من السكان الأصليين الأفارقة. تضاءلت حقوق وحريات الشعوب الافريقية بسرعة. تعرض الافارقة سكان البلد الأصليين إلى أبشع أنواع الاضطهاد بحجة انهم انتهكوا القانون. مثل الجلد. والشنق بعض الأحيان وحتى السجلات الرسمية الألمانية تظهر حالات عديدة من المستوطنين البيض، صدرت بحقهم أحكام مخففة لارتكابهم جرائم اغتصاب. وما حدث للشعوب الافريقية في (ناميبيا) كان نذيرا وحشيا، وكاد أن ينسى بمحرقة النازيين ضد اليهود والجماعات الأخرى في الحرب العالمية الثانية. حينها صدر (الكتاب الأزرق) الشهير كأول توثيق حقيقي للإبادة الجماعية، والذي تم تأليفه وانتاجه بواسطة سلطات جنوب افريقيا عام 1918 بعد هزيمة الألمان بعد الحرب العالمية الأولى، وهي أول إبادة جماعية تسجل في التاريخ،  والذي يتحدث عن المجازر التي ارتكبت من قبل الألمان، حين قرر قيصر المانيا إبادة اهل (ناميبيا) تشمل  كل الرجال وإبقاء النساء للمتعة الجنسية. ليولدوا أبناء المان وامهاتهم افريقيات من اجل  يكونوا هم السكان الأصليين لتلك البلاد. أما بقية أبناء البلد فإنه تتم إبادتهم وقد اكدوا لهم العلماء الالمان من خلال أدلة أن هؤلاء ليسوا بشر أي سكان (ناميبيا)، بل هم حالة وسطية ما بين الحيوان والانسان، لذلك قتلهم يكون أحسن للبشرية. تم حينها إبادة 75% من سكان (ناميبيا) ما بين عام 1904- 1908 حتى طال النساء وكبار السن والإبقاء على الفتيات الصغار في سن 4 سنين بقرار من الامبراطور، ونص القرار محفوظ في المتحف لا تستطيع ألمانيا أن تنكره، وهذا تم عام 1904 وبعد اكبر من 120 عاما بارتكاب المانيا مذبحة الإبادة الجماعية في ناميبيا. ففي عام 1945 صنف تقرير (ويتاكر) عن الأمم المتحدة، ما حدث لشعبي الهيريرو والناما بأنه إبادة جماعية وفي مايو / أيار /2021 اعترفت الحكومة الألمانية نفسها رسميا بما حدث بأنه إبادة جماعية وفي إعلان مشترك مع (ناميبيا). تعهد الألمان بدفع مبلغ 101مليار يورو للحكومة الناميبية كمساعدة خلال 30 عاما ونص الاتفاق مع ضرورة انفاقها في المناطق، التي تعيش فيها الآن أحفاد ضحايا الإبادة الفظيعة. ما حدا بوزارة الخارجية النامبية (بإصدار بيان تقول فيه أن على ألمانيا التي ذبحتنا وقتلتنا، والتي لم تستطع أن تعوضنا أخبروها أنه كان عليك أن تعتذري لنا قبل أن تتفقي مع إسرائيل في مذبحة جديدة)، أفريقيا اليوم تعي أن النضال في فلسطين هو نفس نضالها ضد الاستعمار الألماني وامريكا اللاتينية، هي أيضا تعي أن نضال الفلسطينيين وجهادهم وكفاحهم ضد الهيمنة الغربية هو نفس نضالهم ضد إسرائيل، وهي نفس المجازر التي ترتكب ونفس المذابح فلا فرق لديهم  بين طفل، وامرأة وشيخ كبير، إذن بات الفلسطينيون  اليوم في مقدمة الركب على أنهم النخبة  في العالم، وليس للعالم العربي والإسلامي  فحسب،  بل للعالم أجمع وعليه يجب أن يتصل الفلسطينيون  بأولئك الذين وقفوا معهم، حتى قبل أحداث غزة لأنهم بدؤوا قبل الفلسطينيين، وناضلوا قبل الفلسطينيين منذ قرون، فنحن نذكرهم بمأساتهم حتى أصبح الشعب الفلسطيني اليوم يستحق التحرير، ولكن يذكرهم بالماضي الذي عاشوه على يد ذلك الانسان المجرم، اذن فحلفاء فلسطين الحقيقيين هم الأصليون القدماء ليؤكد اليوم الشعب الفلسطيني، الذي يقدم اليوم وعيا وينظر له بأنهم ليسوا ثانويين في العالم، فعندهم الثقة الكاملة ان يقفوا ويقولوا لقد علمنا العالم الجديد دروسا كيف يحترم الانسان، وكيف ينتقم من الظلم والظالمين، ففي غزة أبطال وكل واحد منهم بطل لأن الذي حدث في غزة، لا يمكن أن يحدث في أي مكان آخر. والتي وقعت في أرض مباركة في محور مقدس جاءت من نبي هو خاتم الأنبياء.