محاورة العالم

الأولى 2025/02/17
...

 كتب رئيس التحرير:


مشاركة رئيس الوزراء محمّد شياع السودانيّ في منتدى ميونخ للأمن وما سبقها من مباحثاتٍ أجراها في جمهوريَّة التشيك وألمانيا، أوضحتْ الصورة الجديدة لعراقٍ راغبٍ في مدِّ جسور السلام مع العالم كلّه ومشاركٍ بفاعليَّةٍ مع سائر دول العالم في ترسيخ مفاهيم للأمن يُسهم في صناعتها الجهدان الدبلوماسيّ والاقتصاديّ، إضافةً إلى أدوات الأمن التقليديَّة المسلّحة.

 الشراكات الاستراتيجيَّة التي دأب السيّد السودانيّ على إبرامها مع دول الإقليم والعالم منذ ترؤسه الحكومة، تكشف عن استراتيجيَّةٍ بعيدة المدى من شأنها تسهيل اندماج العراق في المحافل العالميَّة، ولا سيما أنَّ العراق خَبِرَ أكثر من سواه ما يمكن أنْ يأتي به الانكفاء والانعزال عن العالم من كوارث، لأنَّ مفاهيم مغايرةً عن الاستقلال والسيادة تتخلّق في عالم اليوم لا تُشبه بأيِّ حالٍ من الأحوال تلك المفاهيم التي خلقتْها حقبة الحرب الباردة التي كان الاستقلال اسماً آخر للانكفاء على الذات، والسيادة استغناء عن الآخرين.

عالم اليوم عالمٌ تداوليّ بامتياز. ومنْ لا يُشارك بفاعليَّةٍ إنّما يحكم على نفسه بأنْ يكون منفعلاً لا فاعلاً. ولم يعدْ حفظ الأمن المحليِّ مقتصراً على بذل الجهد في مراقبة الحدود وحسب، بل في الارتباط بشبكة أمانٍ عالميَّةٍ قوامها الاقتصاد والدبلوماسيَّة والتفاعل الثقافيّ والمعرفيّ.

قد يكون العنوان الأبرز لجهود رئيس الوزراء يتمثل في جنبةٍ اقتصاديَّةٍ تتعلّق بجلب الاستثمارات، لكنَّ لهذه الجهود ـ إضافةً لذلك ـ مخرجاتٍ ستعود بالنفع على الجانب الأمنيِّ محلياً وإقليمياً. فلم يعدْ أحدٌ معزولاً عن العالم.

هذه الزيارة أثبتتْ أنَّ العراق قادرٌ على محاورة العالم.