بغداد : سرور العلي
لا تنمو كلُّ الغابات في أحضان الطبيعة، فبعضها يولد من رحم الحاجة، بين أنقاض الإسمنت وزحام المدن. "غابات بغداد المستدامة" ليستْ مجرَّد مشروع تشجير، بل محاولةٌ جريئةٌ لاستعادة أنفاس العاصمة التي اختنقتْ تحت وطأة التلوّث والعمران المتسارع.
في جولةٍ ميدانيَّةٍ لفريق "الصباح"، عبَّر السكّان عن تفاؤلهم بالمشروع. حسام عبد الله يصفه بأنه "متنفسٌ طبيعيٌّ وخطوةٌ تواكب التطوّرات العصريَّة"، بينما تأمل أمُّ فاضل أنْ يُسهم في "تحقيق بيئةٍ نظيفةٍ وخفض درجات الحرارة". أمّا الحاج إسماعيل حسين، فيراه "خطوةً لتحسين جودة الهواء والصحَّة العامَّة".
مع استمرار التوسّع العمرانيِّ، تكشف إحصائيات وزارة التخطيط عن أنَّ (60 %) من المدن العراقيَّة مغطاةٌ بالإسمنت والإسفلت، مما يُفاقم التلوّث وارتفاع الحرارة. الخبير البيئيُّ أنس الطائي يُنوِّه بوجود (3) ملايين سيّارةٍ في بغداد، ويُؤكّد ضرورة تخصيص (70 %) من المساحات الزراعيَّة لتحسين المناخ والصحَّة النفسيَّة.
مدير بلديَّة الكرّادة، المهندس جاسم الركابي، يصف المشروع بأنه الأكبر في العراق والشرق الأوسط، إذ سيتمّ تحويل معسكر الرشيد السابق إلى واحةٍ خضراء بأنشطةٍ ترفيهيَّةٍ وتعليميَّة. ويشمل زراعة مليون شجرةٍ ومحمياتٍ بيئيَّةً وبحيراتٍ ومساحاتٍ للترفيه.
اقتصاديّاً، يوفر المشروع فرص عملٍ جديدةً ويُحقق عائداتٍ لأمانة بغداد، فضلاً عن إزالة النفايات المتراكمة منذ (22) عاماً. كما يعتمد بالكامل على الطاقة النظيفة ويهدف إلى خفض درجات الحرارة وتحسين جودة الهواء.
مستشار وزارة البيئة، د. عمار العطا، يؤكّد أنَّ المشروع يتماشى مع قانون حماية البيئة رقم (27) لسنة (2009)، ويُعدّ نموذجاً لتحسين جودة الحياة في بغداد.