التأمين والمخاطر

اقتصادية 2025/03/18
...

ياسر المتولي 




يعد قطاع التأمين عصب السوق المالية بوصفه الضلع الثالث من أضلاع القطاع المالي (القطاع الأساسي) فضلاً عن القطاعات المكملة الأخرى كقطاع المصارف وقطاع البورصة .

ويمتلك العراق ثلاث شركات تأمين حكومية عملاقة ولها تاريخ كبير في تنظيم السوق المالية غير المصرفية في العراق مع وجود ديوان التأمين كحلقة رقابية، فضلاً عن عشرات شركات التأمين الخاصة التي تمارس نشاطات محدودة وبعيدة عن الإعلام الاقتصادي .

وتجدر الإشارة إلى أن الكوادر التأمينية العراقية تدير الآن كبريات شركات التأمين في محيطنا العربي وخصوصاً الخليج .

وفي خضم التطورات والمتغيرات التي يشهدها العالم والأزمات المالية الدورية التي تشهدها البلدان أجد من الضروري أن تلتفت الدولة ومن خلال سلطتها التنفيذية بقيام الحكومة بدعم وتحفيز وتفعيل دور القطاع  التأميني  وإيلائه ذات الاهتمام والدعم بالقطاع المصرفي في حملةٍ إصلاحية منظمة على غرار ما يقوده الفريق الحكومي المتخصص، بالتعاون مع البنك المركزي وسعيه إلى هيكلة المصارف الحكومية وانتشالها من الجمود الذي أصابها، ناهيك عن التطور الحاصل في قطاع البورصة بفضل جهود هيئة الأوراق المالية والإدارة التنفيذية لسوق العراق للأوراق المالية كذراع للسوق المالية .

لذلك نرى أن يحتل قطاع التأمين ذات الدعم من قبل الحكومة، إذ إن أهمية قطاع التأمين تكمن في تخفيف المخاطر الناجمة عن الأزمات المالية التي قد تصيب اقتصاد البلد بدون سابق انذار وتتقاسمها مع القطاعات الاقتصادية الأخرى فهو ضمان لحقوق المواطن والدولة على حد سواء خصوصاً أن الخداع النفطي (أسعار النفط) تتذبذب بين الفينة والأخرى وذلك مرتبط بالأحداث والمتغيرات التي أشرنا لها .

وبذلك يكون التأمين حاضراً في أي أزمة أو انتكاسة قد يتعرض لها اقتصاد البلد كضامن فعال للمستثمر والمواطن على حد سواء، ذلك في ظل الظروف الاقتصادية العالمية أو الإقليمية المتغيرة ما قد لا يوفر للفاعل الحكومي حلولاً آنية، لا سيما عند حدوث الأزمات لتلافي الخسائر أو تحملها .

وهنا نستطيع كاقتصاديين أن نقدم النصيحة للفاعل الحكومي بضرورة الاستعانة بقطاع التأمين وهو قطاع شبه معطل لسنين طويلة ليكون هو الضامن الحقيقي للمستثمر والمواطن وجعله الدرع الواقي من أي أزمات واهتزازات مستقبلية قد يتعرض لها اقتصاد البلد.

وأقرب مثال يمكن سرده هنا لتوضيح أهمية التأمين ما يتعلق بالتوسع الكبير في القطاع العقاري والذي يسند من قبل القطاع المصرفي وذلك من خلال توسيع  القروض الخاصة بالمشاريع العقارية الإسكانية في مقدمتها، ففي حال حدوث  أي أزمة مالية قد تتسبب في تعثر سداد القروض، وهنا اقترح تفعيل التأمين العقاري الملزم في المشاريع الإسكانية، وذلك باشتراط قيام المستثمر بتأمين مجمعه السكني حيث تحتسب كلف الأمين  مناصفة بين المستثمر والمواطن المستفيد لضمان حقوق الاثنين أو أي أنموذج تأميني مناسب.

وبذلك نتخطى آثار الأزمات المالية المحتملة والتي قد تتسبب في تعثر سداد الأقساط والقروض ليقوم  قطاع التأمين بالتخفيف عن آثار الخسائر وفي مناخ من التوازن يوفر تقاسم المخاطر وتحقيق عدالة تحملها بين الأطراف المستفيدة كافة.

ولكي تفرض الحكومة التأمين العقاري الملزم لابد من تعديل قانون الاستثمار وإضافة فقرة بهذا الخصوص تتضمن (التأمين العقاري الملزم) ضمن شروط الإجازة الاستثمارية.