سعد صاحب
مفردة الهيل تثير الفرح والبهجة والسلام في النفوس، وهو ضد الكآبة والأحزان والهموم، وانه مرتبط بخصوصيات الانثى بشكل مباشر، كما يقول الفنان حسين نعمة، والنساء تستخدمه بكثرة، لكونه يوازن الحالة المزاجية للإنسان، ويجعل النفس الكئيبة، اكثر إشراقا وحبورا وإقبالا على الحياة. والهيل كلمة رشيقة بهية الحضور والتغنج والدلال، لها مكانها الخاص، ما بين السطور والأوزان والقوافي والتراكيب والجمل، ولموسيقيتها العالية ودلالتها الموحية نفسيا وعشقيا وانسانيا وروحيا، يتداولها الشعراء في الأغاني والقصائد، على سبيل المثال: جعلها مظفر النواب عنوانا لقصيدته الشهيرة (مضايف هيل). والهيل يمتاز بذلك العبق المنعش المريح، والنكهة الحلوة الزكية، وكأن الشاعر يريد ان يغطي على الروائح الكريهة، وعلى بارود الحروب الجاثم فوق الصدور، بأريج هذا العطر الفواح الذي يملأ الدروب بشذاه، فلا عجب اذا طلب من الآخر البعيد، ان ينثره في الممرات والاروقة، وفوق عتبات البيوت، وبين درابين الأحياء البغدادية الفقيرة، وفي سكة الحبيب القادم، من ليالي الغياب والأرق والصمت والنعاس.(گوم انثر الهيل/ بسچة وليفك لو خطر/ يتلاله بعيونه السهر/ وينور الليل).
عيون
روحي كبش فداء اليك ايها المحبوب، وما أروع النحر تحت قبضة رمشك الكحيل، وما اجمل الموت في سيفك المتوهج البريق، لا أخاف من النبال حين يسددها امهر الرماة، اخشى من عينيك الشهلاء الواسعة، عندما ترمي القلب بالسهام، وفي كل رشقة يرقص القلب الجريح، وتروي الدماء القانية شتلات حبنا المتعطشة للرواء، فالوجود بدونك يشبه اليباس والجحيم والزمهرير، كأنه يوم القيامة لكافر اثيم، ينتظر المغفرة والعفو والغفران من رب سميح.(غرگ رموشك بالكحل/ يسمر يبو عيون الشهل/ واشتل سواليفك شتل). الحياة بقربك جنة ملأى بالانهار والنبيذ والنخيل والاعناب، فيا صاحب الفانوس في ظلام الدهاليز المعتمة، خذ بيدي الى عوالم النور، فانا غريب بهذا العالم المغلق الابواب، وانا فقير استجدي من خديك الضياء، ومن قلبك العطف ومن روحك الحنان، وانا اسير في سجن حبك الرهيب، لا يحلو على لساني سوى ترديد حروف اسمك الجميل، ولا عيش يطيب لي دون ان نتقاسم المعاناة، ولا صورة في الكون تشدني، عدا صورتك المؤطرة بين العين والاهداب.(بچفوف كل طارش يمر/ بجروف موجات الفجر/ گوم انثر
الهيل).
رقص
المقطع التالي يبدأ بالحركة والاحتفال والمرح والسرور، والتعبير عن الرغبات المكبوتة، للذات الموزعة في دوائر الزمن العديدة، للروح المتمردة على واقع مريض، يعاني من اليأس والزيف والكذب والتلاشي والوعود الباطلة. مقطع ينبض بالتماسك في مواجهة الموت، وبالاتساع في وجه الانكماش والضيف والثبات والاعاقة والمماطلة والتسويف والمراوحة والجمود، وثمة علاقة وطيدة بين جميع الفنون، فالراقصون هم شعراء العالم المادي، يستخدمون أجسادهم كأدوات لخلق لغة تتحدث مباشرة الى القلب، والرقص محادثة بين الجسد والموسيقى، وحوار الإيقاع والنغمة والتعبير، كما يقول ادوين دينبي الناقد الأمريكي الشهير. (ارگص على متون الجرف/ رگص البيادر يا ترف/ بلچن يمر بيك
الولف).