وليام كيلي
ترجمة: كريمة عبد النبي
يعدُّ السيراميك الصيني واحدًا من أفضل أنواع السيراميك على مستوى العالم لصلابته ومتانته؛ لذا فهو الأكثر شهرةً عالميًا. والسيراميك الصيني هو نوعٌ من الفخار المصنوع من الطين المخلوط بمواد أخرى مثل معدن الفلسبار الذي يتمُّ حرقه عند درجة حرارة ينتج عنها مادة أقل شفافية من الخزف.
ومؤخرًا تلقى المتحف البريطاني تبرعًا تمثل بمجموعة خاصة من السيراميك الصيني هي الأكثر قيمة بالنسبة لتاريخ المملكة المتحدة، إذ بلغت قيمة هذه المجموعة مليار جنيه استرليني وبلغ عدد القطع المهداة، التي يعود تاريخها الى القرن الثالث وحتى العشرين، 1700 قطعة.
وأعرب رئيس المتحف جورج أوزبورن عن سعادته بهذه المجموعة التي أصبحت ملكًا للمتحف. وخلال حديثه عن هذه المجموعة، سلّط رئيس المتحف الضوءَ على إحدى القطع التي تمثل وعاء الامبراطور شنغوا (1465-1487) الذي كان يتناول فيه الشراب. ويسمّى هذا الكأس بـ "كأس الدجاج" لأنه يحتوي على نقش يمثل دجاجة تلتقط حبات الطعام مع صغارها. وقد برع الفنان الذي قام بنقش هذه الكأس بتصوير أدق التفاصيل.
وأشار رئيس المتحف خلال حديثه للصحيفة بأن هذه القطع هي الأغلى على مستوى العالم أجمع. وكانت هذه المجموعة ضمن معروضات المتحف البريطاني منذ عام 2009 كجزء من مبادرة إعارة من مؤسسة "بيرسيفال ديفيد" التي قررت التنازل للمتحف عن جميع القطع وبشكل نهائي لتتحول ملكيتها الى المتحف البريطاني بصورة دائمة.
وبيرسيفال ديفيد، الذي توفي عام 1964، هو رجل أعمال بريطاني كان مولعًا بقطع السيراميك الصيني التي قام بشرائها من أوروبا واليابان والصين لتضم مجموعته أروع وأجمل قطع السيراميك الصيني عبر العالم.
وذكر رئيس المتحف خلال حديثه أن قيمة هذه المجموعة بلغت مليار جنيه استرليني وهي أكبر عملية تبرع لمتحف بريطاني على الاطلاق. ويسعى رئيس المتحف ومديره الجديد نيكولاس كولينان الى تطوير المتحف البريطاني بما يتناسب مع هذه المجموعة القيمة من قطع السيراميك الصيني.
وتعد قطع السيراميك الصيني الأغلى من خلال عمليات البيع في المزادات الفنية، إذ وصلت قيمة إحدى القطع التي بيعت عبر المزادات الفنية العام الماضي الى 73 مليون دولار تقريبًا أي
ما يعادل 57 مليون جنيه استرليني.
وكانت الصين مصدر عمليات انتاج السيراميك الصيني وقد بدأت بذلك منذ عدة قرون، إذ كان السيراميك أو ما يسمى بالبورسلين الصيني هو الأكثر تطورًا على مستوى العالم. وكان الصينيون يصنعون هذه القطع إما للبلاط الملكي أو للسوق الصيني المحلي أو للتصدير.
وتشير التقارير إلى أنَّ صناعة بعض هذه القطع من السيراميك بدأت بعد عشرين عامًا من معركة هاستنغ التي وقعت عام 1086 بعد أن توصل عمال الأفران ومن خلال درجات حرارة معينة الى الألوان الأزرق والأخضر والرمادي. وكانت صناعتهم هذه أكثر تطورًا من الصناعة نفسها لدى الدول الأوروبية.
أما مسؤولة القسم الآسيوي ضمن المتحف البريطاني جسيكا هاريسون فقد أشارت الى أن قطع السيراميك الصيني التي تعود الى عصر الامبراطوريات الصينية هي الأغلى من بين القطع الأخرى بسبب جودتها العالية. ومن بين القطع التي يمتلكها المتحف حاليًا هي "حجر رشيد" التي يعود تاريخها الى القرن الرابع عشر.
ويقول الفنان المعاصر والخزّاف أدموند وال، صاحب كتاب "الطريق الأبيض" الذي صدر عام 2015 والذي يوثق رحلة الكاتب لمعرفة تاريخ البورسلين، "رأيت مثل هذه الأوعية والأواني الجميلة لأول مرة عندما كنت أتخطى السادسة عشرة من عمري وأيقنت حينها أنّها ستكون بمثابة تجربة أساسية للأجيال المقبلة من الخزّافين والأساتذة والطلبة من محبّي السيراميك".
وتقول جسيكا هاريسون إنَّ "رجل الأعمال البريطاني بيرسيفال، الذي أمضى معظم حياته متنقلًا بين مدن الصين، كان قد درس اللغة الصينيّة وقام بترجمة العديد من النصوص الصينية الخاصة بهذا المجال والتي يعود تاريخها الى القرن الرابع عشر ولا نزال نستخدم ترجماته حتى يومنا هذا".
وكتب هذا الرجل المولع بجمع القطع الفنيّة قائلًا: "إنّ واجب جامعي القطع الفنيّة يجب ان يكون أبعد من التفكير بجني الأموال فقط وأن الغرض من وجودهم هو تقديم هذا النوع من الفن للنقاد والخبراء".
وتشمل القطع الفنية التي حصل عليها المتحف البريطاني أوعية تحتوي على نقوش دقيقة تمثل طيورًا تقف على غصن شجرة، وتبيّن هذه النقوش مدى دقة العمل واختيار الألوان. كما تضمنت القطع صحنًا على شكل زهرة وعلى ظهر الصحن يمكن رؤية بصمة اصبع الخزاف الذي قام بهذا العمل والذي يشير الى أن تاريخ هذه القطعة يعود لما يقارب 800 عام.
عن صحيفة التلغراف البريطانية