هل زال عصر {نيتفلكس» الذهبي ؟

الصفحة الاخيرة 2019/07/16
...

مارك سويني
ترجمة: مي اسماعيل
تواجه شركة "نيتفلكس- Netflix" الأميركية للترفيه منافسة من مزوديها بالمحتوى الفني إضافة الى منافسة شركات مثل "أبل" و"أمازون "؛ فهل لاحت نهاية فترتها الذهبية على الأفق؟ 
بنت نيتفلكس شهرتها وجمعت مشاهديها بعد إنتاج أعمال درامية أصلية كبيرة ومكلفة (مثل مسلسل "التاج")؛ مما أكسبها نحو 150 مليون مشترك حول العالم. لكنها تواجه اليوم منافسة جدية؛ إذ تقدمت شركات الإنتاج الإعلامي التقليدية في سيليكون فالي لتأخذ نصيبها من تلك السوق النهمة. تستعد "ديزني" (بكل قوة امتيازات احتكاراتها الفنية الفائقة؛ من امثال "مارفل-Marvel" و"بيكسار- Pixar" و"سلسلة "حرب النجوم- Star Wars") للانضمام إلى المعركة لتقديم خدمة البث الخاصة بها وديزني. هنا تعوّل مجموعة الإنتاج الترفيهي الأكبر عالميا على قوة محتوى كيانها الأساس لضمان النجاح في دخولها المتأخر نسبيا الى عالم خدمات البث التلفازي "Streaming Service". أما شركة "وارنر-Warner " الإعلامية (التي تملكها مؤسسة "AT&T") فتقوم أيضا بالاستعداد لإطلاق خدمة بث تلفازي يضم محتوى من إنتاج "HBO" و"تيرنر- Turner" وإستوديوهات أفلام "وارنر براذرز-Warner Bros ". لم تتعامل "وارنر" بدرجة الحدّة نفسها التي تعاملت بها ديزني عند سحبها إنتاجاتها من نيتفلكس؛ لكن قبول نيتفلكس بدفع مبلغ مئة مليون دولار لقاء الاحتفاظ بحق عرض مسلسل "الأصدقاء- Friends" (الذي تملكه AT&T بكافة مواسمه العشرة لسنة أخرى، وبعدها سيكون على "وارنر" تقرير رغبتها في إبقاء المسلسل حصريا في خدمتها المستقبلية) يوضح قيمة عملية سحب الإنتاجات الفنية والمشاكل التي قد تواجهها نيتفلكس إذا قررت باقي شركات الإنتاج الفني إعادة تقييم استراتيجياتها التسويقية. وكانت نيتفلكس قد دفعت ثلاثين مليون دولار سنويا لعرض مسلسل "الأصدقاء"؛ الذي كان واحدا من أكثر عروضها نجاحا حول العالم. 
يقول "ريتشارد بروتون" المحلل في مؤسسة آمبير-Ampere Analysis" للدراسات التحليلية: "تواجه نيتفلكس منافسة متزايدة من مجهزيها السابقين بالمحتويات والنتاجات الفنية؛ ورغم أن تركيزها الأساس ينصب على إنتاجات أصلية؛ مازالت نيتفلكس تعتمد بقوة على نتاجات فنية لمؤسسات اخرى تعرضها على مشتركيها؛ وهذا عامل خطورة مستقبلي". تُقدّر مؤسسة "آمبير" أن نتاجات نيتفلكس الأصلية في الولايات المتحدة تُشكّل نحو ثمانية بالمئة فقط من ساعات العرض المتوفرة في مكتبتها الواسعة، وتسعة بالمئة في بريطانيا. وهناك نحو خمسة بالمئة من ساعات العرض الموجودة تحت خانة: أصلية لأن نيتفلكس هي التي تبثها أولا (مع أنها من إنتاج شركات أخرى)؛ ومن أهم أمثلتها: مسلسل "ستارتريك ديسكفري-Star Trek:Discovery". 
يمضي "بروتون" قائلا: "لا تشكل نتاجات أي واحدة من مجموعات إستوديوهات هوليوود الكبيرة نسبة عالية  من خزين كتالوج نيتفليكس؛ بل لا تكاد تزيد عن 4-5 بالمئة من مجموع الساعات الكلي. فإذا سحبت شركة أو اثنتان إنتاجها تستطيع نيتفليكس سد الثغرة؛ ولكن لو باتت السوق أكثر عدائية تجاهها؛  سيصبح الحال صعبا".  
تواجه نيتفليكس بالفعل تحدي "أمازون برايم فيديو- Amazon’s Prime Video" (محتوى فيديو يبث حسب الطلب. المترجمة)؛ وهو خصم عالمي له خطط طموحة تتضمن إنتاج مسلسلات "سيد الخواتم" التلفازية المُبهرة. رفعت نيتفليكس (المهتزة الموقف) ميزانيات إنتاجها بنحو خمسين بالمئة (من 8 الى 12 مليار دولار)؛ حينما أعلنت أمازون أنها ستنفق خمسة مليارات على الإنتاج الفني هذا العام. لكن باستطاعة أمازون التفوق بسهولة على قدرات إنفاق خصومها؛ فقيمتها في السوق أكبر بستة أضعاف من نيتفليكس وأربعة مرات ونصف حجم مؤسسة ديزني. وستنظر نيتفليكس بتوجس أيضا الى "أبل- Apple"؛ التي شاعت توقعات أنها ستطلق خدمات البث التلفازي "Streaming Service" هذا العام. 
كلف سباق "المحتوى الفني" نيتفليكس ثمنا باهظا؛ إذ تتوقع المؤسسة هذا العام إنسيابية "سلبية" للسيولة المالية تتراوح بين 3-4 مليارات دولار (بمعنى أن الميزانية التي أنفقتها على المحتوى والتسويق وباقي التكاليف سنة 2018 ستفوق ما تكسبه المؤسسة من المشتركين بنحو ثلاثة مليارات على 
الأقل. 
تتجه نيتفليكس للاقتراض لاستكمال التكاليف التي تحتاجها للاستمرار بتغذية محتوى الأفلام والتلفاز وإيصالها الى الجمهور النهم الذي ساهمت في خلقه؛ وقد وصل صاقي ديونها الى نحو 8.34 مليارات دولار، بزيادة تفوق سبعين بالمئة عن السنة السابقة.  
أقامت نيتفليكس سمعتها واستقطبت جمهورها بإنتاج مسلسلات باهظة التكاليف؛ مثل مسلسل "التاج- The Crown"؛ لكنها بدأت مؤخرا تركز على إنتاج مسلسلات أقل تكلفة لكنها تحظى بالشعبية، وغالبا من دون تأليف مسبق؛ مثل مسلسل تلفاز الواقع "الدائرة-The Circle "، الذي استلته من القناة الرابعة البريطانية وقدمته عالميا. وهذا ما يتحدث عنه "لوكاس غرين" رئيس قطاع المحتوى الفني لمجموعة "بانيجاي- Banijay" الفرنسية، التي قدمت برامج مثل- الناجون وجزيرة الإغراء: "إن عروض التلفاز غير المقيدة بنصوص كانت دائمًا قطاعًا مربحًا للغاية. وبينما تحظى الدراما بعناوين الصحافة والاحتفاء، تبقى برامج الألعاب والمسابقات والواقع والمواعدة والطبخ والمواهب عروضا مرنة التقديم وسريعة الإنتاج وأكثر اكتفاء في التكاليف؛ وبالتالي تمثل مخاطرة أقل". 
تواجه نيتفلكس الآن ضغوطا خارج الولايات المتحدة؛ من مؤسسات تقرب من موقع نيتفليكس وتكاد تتفوق عليها بمعدلات النمو، علما أن نحو ثمانين بالمئة من مشتركي نيتفلكس الجدد خلال الربع الأخير من خارج الولايات المتحدة. كانت نيتفليكس متفائلة جدا حول آفاق التوسع في مناطق آسيا والمحيط الهادي؛ خاصة الهند. لكن أسعار الاشتراك فيها عالية التكاليف مقارنة ببث التلفاز المدفوع وإنتاج منافسيها في تلك الأسواق الجديدة؛ وقد يتعين عليها تقليل أسعارها لكسب مشتركين جدد. 
أي منافس سيشكل الخطر الأكبر على نيتفليكس؟ يرى "بروتون" أنه "أمازون": "أرى أن أمازون هي اللاعب الأكبر؛ فاللاعبون الجدد مثل "ديزني" و"وارنر ميديا" سيحتاجون وقتا طويلا وجهود تسويق للوصول الى منازل المشاهدين، ومن سيمكنه تقديم محتوى لهم؟ أمازون صاحبة الجيوب الأثقل.. فلديها المخزون الأوسع (حتى وإن كانت بعضها مواد قديمة)؛ وهي التي تستكشف نواحي فنية لم يفكر بها الآخرون". 
 
الغارديان البريطانية